(الشروق) ـ مكتب صفاقس
كان تحت تأثير الخمرة لما قال «ظننته زلزالا» ..الزلزال هنا هوالفاجعة التي اهتزت لها مدينة صفاقس مساء يوم أمس الخميس بعد سقوط سقف «حانة الأحباب» على رواده في أمسية كان الفضاء فيها يعج بحرفائه ..الحادث حسب معاينة «الشروق» لم يخلف خسائر بشرية باستثناء بعض الإصابات المتفاوتة كادت أن تنتهي بفاجعة لما أقدم شاب على الانتحار..
السقف سقط في حدود الساعة السادسة إلا 15 دقيقة، في وقت كان فيه الموظفون والعملة يغادرون مقرات عملهم، وحرفاء الحانة يحتسون مشروباتهم تحت غطاء من الدخان الكثيف ملأ الفضاء ..كانوا يتناولون مواضيع شتى جمعت بين السياسة والرياضة وارتفاع سعر السجائر الذي قد يتلوه ارتفاع سعر المشروبات الروحية والخمور ..
دون مؤشرات توحي بوقوع الحادثة، انهار جزء من السقف على يمين الباب الرئيسي للحانة الواقعة بقلب المدينة وتحديدا قرب معهد الحبيب بورقيبة ..السقوط المفاجئ لم يترك وقتا لمغادرة الفضاء فعلق البعض من الحرفاء تحت الحديد والإسمنت الذي اختلط بما في القوارير المهشمة من جعة وخمور ..
في لمح البصر، اختلط الحابل بالنابل، وارتفعت الأصوات طالبة النجدة أوباحثة عن نديم كان على طاولة تهشمت كغيرها من الطاولات والكراسي ..بسرعة فائقة تدخل المواطنون والمارون بالصدفة من المكان أوأصحاب المحلات الواقعة بذات النهج والذين غادروا محلاتهم ظنا أن الكارثة جدت في محلاتهم ..
أحدهم روى للفضوليين تحت تأثير الذعر قائلا « لم أشاهد إلا سحابة من الدخان والغبار تخرج من باب الحانة ونوافذها في مشهد يوحي بوقوع زلزال « ..أما النادل والذي كان يذرف الدموع تحت وقع الصدمة وخوفه على أصدقائه فلم يتمكن لحظة صياغة هذا الخبر حتى من تحديد عدد رواد فضائه بشكل تقريبي، ورغم إلحاحي في السؤال إلا أنني لم «أقتلع « منه عدد الرواد ولوبصفة تقريبية ..
وفي الوقت الذي توافد فيه المنجدون، هبت العديد من النسوة اللاتي يعرفن جيدا أن المطعم المتضرر هوالفضاء المحبب لأزواجهن وارتفعت أصواتهن عالية بحثا عن زوج ربما كان في الفضاء لحظة الكارثة ..
مجهودات الحماية المدنية وأعوان الشرطة كانت مدعمة بعدد كبير من المواطنين تطوعوا لرفع الأنقاض بشكل يدوي والتي كانت عبارة عن أجزاء من السقف في حجم تراوح بيت المتوسط والصغير وهوما يفسر محدودية الأضرار التي لم تتجاوز 5 مصابين، واحد منهم إصابته استوجبت إقامته في المستشفى لمزيد العناية والمتابعة الطبية والبقية في حالة صحية جيدة لم تمنع إثنان منهما من مغادرة المستشفى ..
أسباب الحادث هي تحت أنظار المحققين حاليا، لكن المعاينات الأولية لأعوان الحماية والشرطة أفادت انه لا يستبعد أن تكون أعمال الهدم في العمارة المحاذية للحانة هي سبب تخلخل الجدران وسقف الحانة وربما أن صاحبها لم يتفطن إلى ذلك وهوما جعله يواصل نشاطه بعد أن جدد فضاءه في الفترة الأخيرة .
حادث سقوط السقف لم يخلف خسائر بشرية، والأضرار المادية تبدوانها ليست ذات بال، لكن المفاجأة التي حصلت عند التدخل للنجدة، هوأقدام أحد الشبان من غير حرفاء الحانة على محاولة الانتحار، إذ استغل تجمهر عدد كبير من المواطنين وربط حبلا في أعلى البناية وحاول التدحرج ..
أحد أعوان الأمن بمعية بعض الشبان منعوه وأنقذوا حياته، وسبب إقدامه على محاولة الانتحار هوتنفيذ بلدية العين لقرار في إزالة كشكه المعد لبيع الخضر والغلال ..البلدية أزالت أول أمس فضاءه التجاري الواقع بطريق منزل شاكر كلم 5 مركز القصاص ..
الشاب متزوج وأب لطفلين وامرأته مصابة بمرض مزمن، وظروفه الاجتماعية ساءت إلى أبعد الحدود، وهي معلومات استقيناها منه قبل محاولة الإنتحار بساعات قليلة وهوما سنعود إليه في موضوع مستقل نلخص في هذا المقال أهم ما قاله الشاب: «فقدت الأمل في الحياة ..وحزبي هوالخبزة..»
وبقي أن نشير إلى أن الحانة واقعة بعمارة تعود لعهد الاستعمار الفرنسي، وهو شأن العمارة المحاذية التي أزالها صاحبها بالكامل في إطار إقامته لبناية أخرى عصرية وحديثة مكانها..