في تقريرها النهائي حول انتخابات «التأسيسي»
بعثة الاتحاد الأوروبي للملاحظين: سوء تصميم ورقة التصويت من أبرز العوائق التي أربكت العملية الانتخابية
أصدرت بعثة الاتحاد الأوروبي لملاحظي الانتخابات في تونس تقريرها النهائي حول انتخاب المجلس الوطني التأسيسي ليوم 23 أكتوبر2011 تمّ تقديمه أمس خلال ندوة صحفية، وان لم يأت هذا التقرير بالجديد أو ما يلفت الانتباه عما تم تقديمه في السابق سواء من طرف الجمعيات التي اهتمت بالعملية الانتخابية أو من قبل المحللين والمتابعين للمشهد السياسي، إلا أنه تضمن جملة من الملاحظات لعل من أبرزها التنويه بالنصوص القانونية المنظمة للعملية الانتخابية مع التأكيد على الثغرات التي شملت بالخصوص آليات المراقبة سواء في ما يهم تمويل الحملة الانتخابية إلى جانب الشوائب التي حامت حول الإعلان الأولي والنهائي لنتائج الانتخابات.
وقد أكد ميكائيل غاليير رئيس بعثة الاتحاد الأوروبي لملاحظة الانتخابات في تونس خلال الندوة أن "الإطار القانوني التونسي مطابق للمعايير الدولية في مجال الانتخابات الديمقراطية، ويتضمن إجراءات حماية الحقوق المدنية والسياسية الأساسية المناسبة، ومنها حريّة التعبير والتنظم وحقّ الاقتراع العام".
ومن أهم النقائص التي أوردها التقرير الخطأ الذي ورد في شكل ورقة التصميم فقد تبين للملاحظين والفاعلين في العملية الانتخابية سوء تصميم ورقة التصويت حيث أجمع الكثير على إمكانية أن يكون الناخبون قد أخطؤوا في الاختيار عند التصويت، وقد أكدت البعثة في تقريرها على ضرورة أن تأخذ هذه الفرضية بجدية كبيرة خاصة أن 18 مقعدا موزعة على 17 دائرة انتخابية قد فازت بها قائمات كانت الخانة الخاصة بها لوضع العلامة موضوعة على يمين المربع الحاوي رقم القائمة التي فازت بأكبر عدد من المقاعد.
ولاحظت البعثة أنه كان بالإمكان التخفيف من آثار هذا اللبس لو أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات نشرت نموذجا من ورقة التصويت في أجل كان يمكنها من القيام بحملة انتخابية حول استخدامها ذلك أنه لم يتم الكشف عن ورقة التصويت إلا في اليوم السابق للانتخاب وحصريا على شبكة الأنترنات.
صعوبة تطبيق آليات الرقابة
وقد جاء في التقرير أنّ آليات مراقبة تمويل الحملة الانتخابية كانت معقدة وتطبيقها صعبا بالنسبة إلى الهياكل الإدارية والقضائية، أضف إلى ذلك أن الآجال المتاحة للهيئة العليا المستقلّة لإلغاء نتائج بعض القائمات المترشحة في حال خرق تلك القوانين كانت قصيرة جدّا إذ أنّها تنتهي عند الإعلان عن النتائج الأولية.
كما صرّح غاليير أنه تم تسجيل بعض الإخلالات في مرحلتي التجميع والإعلان عن النتائج الأولية اللتين افتقرت أثناءهما الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى بعض الشفافية أعطى انطباعا عاما بالارتجال.
ومن بين الإخلالات التي أوردها التقرير النهائي لبعثة الاتحاد الأوروبي اختلاف معايير القبول أو الرفض عند تسجيل الترشحات بين كل من الهيئات الفرعية للانتخابات والمحاكم الابتدائية مقارنة بالدوائر الاستئنافية بالمحكمة الإدارية التي ضمنت (إلا في حالات استثنائية قليلة) تجانسا في الحكم وأنشأت في بعض الحالات فقه قضاء جديدا جعل "المحكمة الإدارية تتميز بالشفافية والاستقلالية وتحترم الآجال المنصوص عليها في المرسوم الانتخابي وإرادتها صلبة في احترام دولة القانون والنهوض بها"
وفي نفس الإطار وفي ما يخصّ سير عمليات الفرز والتجميع فقد نوّهت بعثة الاتحاد الأوروبي بتعليق المحاضر في مكاتب الاقتراع باعتبارها عنصرا أساسيا لضمان الشفافية ولكنها انتقدت عدم تعليق المحاضر في مراكز التجميع لضمان الشفافية الكلية وضمان إمكانية متابعة النتائج.
على "الفايسبوك"
ورأت البعثة أيضا أن الحملة الانتخابية كانت محتشمة جدّا على الشبكتين الاجتماعيتين "الفايسبوك" و"تويتر" حيث تولى فريق من الملاحظين متابعتهما من 12 سبتمبر إلى 22 أكتوبر، فلم يشهد عدد المنخرطين في الشبكتين من الأحزاب السياسية زيادة ملحوظة خلال هذه الفترة وكان تدفق الرسائل السياسية التي تمّ تداولها ضعيفا بحيث لا يمكن مقارنته البتة بالدور الذي اضطلعت به الشبكات الاجتماعية في نشر الأخبار والمعلومات على الثورة.
"فحصا نقديا"
أما بخصوص إعلان النتائج إعلاميا فقد رأت البعثة أن وسائل الإعلام والاتصال التونسية تصرفت، على وجه العموم، بشكل محايد في فترة ما بعد الانتخابات وإعلان النتائج الأولية، غير أن الصحافة، في مجموعها، لم تعمد إلى فحص نقدي للإجراءات العملية التي اتبعتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات عند إعلان النتائج، "فأبقت حيّة في ذهن الرأي العام فكرة أن نسبة المشاركة في الانتخابات، على الصعيد الوطني كانت حوالي 90 بالمائة، بينما هي تحوم حول 50 بالمائة".
كما لاحظت البعثة أن "الناخبين لم يكن لهم ما يكفي من الإعلام حول معنى انتخابات المجلس الوطني التأسيسي والسلط الموكولة إليه، فالجهود التي بذلتها الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لإعلام الناخبين إثر انتهاء عملية التسجيل من خلال حملة قصيرة المدى الزمني بعنوان (تونس تنتخب) لم تتوصل إلى سدّ تلك الثغرات تماما بالرغم من بعض المبادرات الأخرى".
إيمان عبد اللطيف
الصباح/7-1-2012