الحملات الانتخابية في تونس: أساليب دعائية مستحدثة ومهرجانات مبسطة وعفوية
1300 قائمة حزبية تثير حيرة التونسيين ومخاوف من خرقات أمنية للعبة الديمقراطية
تونس ــ الزمان
في أول محطة انتخابية في تونس بعد الثورة تتجاذب القوي السياسية هنا الطرح الجماهيري بأساليب دعائية مستحدثة ومهرجانات انتخابية مبسطة وعفوية لأغلب الأحزاب.
وتفتقر الحملة الانتخابية للقوي المشاركة في انتخابات المجلس التأسيسي التي بدأت منذ ايام قليلة للاعراف الحزبية والتقاليد الديمقراطية المتبعة.
اذ تمثل الاستحقاقات الانتخابية وفق تجارب اعرق الدول الديمقراطية احتفالية واسعة ضمن عرس انتخابي يتفاعل فيه السياسي مع المواطن ليعيش الجميع فرحته وتنافسيته.
بيد ان هذا البعد وما فيه من تقاليد رغم تعدد الانتخابات داخل تونس سواء كانت رئاسية أم برلمانية أم حتي بلدية لم يعشه التونسي منذ الاستقلال عام 1956 حيث استمرت بنهج سياسي موجه خال من التقاليد الديمقراطية بمختلف أبعادها.
فليس للمواطن البسيط من دور حقيقي في ذلك الوقت سوي الادلاء بصوته لهذا او ذاك من النخب الناشطة بعيدا عن القناعة أو الاختيار. ورغم تعدد المحطات الانتخابية التي عرفتها البلاد لم يتغير شيء في العملية الانتخابية حيث بقي لدي عامة الناس هنا شأن عابر ضمن تقاليد يختلط فيها السياسي بالاجتماعي والاقتصادي بالثقافي. فهذه الأبعاد الانتخابية مازالت غير معروفة في تونس باعتبارها تجربة غريبة عنه ولم تكن من تقاليده السياسية لذا جاءت الحملة الجارية هذه الايام مربكة لمعظم القوي السياسية رغم التحولات الديمقراطية التي عرفتها البلاد والحريات الواسعة التي يعيشها الشعب التونسي وما انبثق عنها من تعدد للأحزاب المتنافسة في هذا الاستحقاق. فحملات الجميع كانت مشحونة بأجواء سياسية تلفها الريبة مفتقرة للتنوع الفكري والجماهيري باعتبارها مناسبة ديمقراطية كان يمكن لو اختلفت الظروف والعقليات أن يتلمس الناس قيمتها. وينتقد المواطنون هنا مستوي التعريف بالقوائم التي تتجاوز ألف وثلاثمئة قائمة بمرشحيها الذين يفوق عددهم العشرة آلاف مفتقدين للمظاهر الانتخابية من لافتات عملاقة وندوات وبرامج سياسية لاسيما ما يتصل بمشاريع وافكار حول الدستور الجديد.
وفي غياب هذه التقاليد التي يجهلها الشارع السياسي التونسي عزفت الجماهير عن معظم احتفاليات الحملات الانتخابية وتبادلت القوي والأطراف السياسية تمزيق الملصقات الدعائية. وزيادة علي ذلك جنح البعض الاخر الي تحويل مقر حملته الانتخابية لسوق تتوفر فيها المواد الغذائية والاستهلاكية الرئيسية ليوزعها مجانا علي المواطنين فيما عرض اخرون خدمات اشمل لتخفيف بعض النفقات الشهرية والموسمية عن كاهل المواطن ضمن اساليب غير تقليدية. ووسط هذه التجاوزات لقواعد اللعبة الديمقراطية يتخوف البعض من ان تقود الايام المقبلة الي ممارسات لا تمت لقواعد التنافس الانتخابي بصلة. ومع ضعف الحملة الانتخابية يعيش المواطن في حيرة من الاختيار اذ لم تبرز أي ملامح استثنائية للحملة الانتخابية وسط العاصمة لاسيما أن أغلبية الاحزاب لم تبذل الجهد من أجل التعريف ببرامجها.
وأمام هذا يتضح ضعف نسبة مشاركة الشباب في القوائم المرشحة حيث كشفت دراسة ميدانية حول انتخابات المجلس التأسيسي في عيون الشباب أن المشاركة الشبابية لدي الأحزاب لا تتجاوز 22 بالمئة.
كما أظهرت نتائج استطلاعات الرأي الاخيرة شعور التونسيين بالخوف وتذبذب مواقفهم وآرائهم بشأن التصويت يوم 23 أكتوبر.
وفي مقابل هذا التبسط تسير الحملة الانتخابية في مناخ خال من العنف والمواجهات بين ممثلي القوائم المستقلة والائتلافية والحزبية في ظل التوافق السياسي والتعزيزات الأمنية. اذ نجحت الحكومة الانتقالية وهيئة الانتخابات وهيئة حماية اهداف الثورة في ضمان حد أدني من التوافق بين الاطراف السياسية الرئيسية حول حاجة البلاد الي وفاق في مرحلة ما بعد 23 اكتوبر.
وعلي الصعيد الاقتصادي وضعت القوي السياسية موضوع الاقتصاد والتنمية حجر زاوية لبرامجها في الفترة المقبلة. ولعل البرامج الاقتصادية لأغلب الأحزاب هي مجموعة وعود متشبعة بالآمال والطموحات وفق ما يراه استاذ الاقتصاد التونسي محمود بن رمضان الذي قال في ندوة فكرية قبل ايام ان هذه الوعود من الصعب تطبيقها علي أرض الواقع لاسيما ما يتعلق بتوفير أكثر من 500 ألف فرصة عمل في السنوات القليلة المقبلة معتبرا أن ذلك "أمر غير ممكن" عمليا.