رحلت أميرة الغناء العربي
بعد حياة الترحال بين عواصم عربية ترقد وردة بالجزائر أرض أجدادها |
|
|
|
ودعت أميرة الغناء العربي وردة الجزائرية الحياة ومحبيها في سن تناهز العقد الثامن إثر نوبة قلبية مساء أول أمس بمنزلها بالقاهرة حاملة معها ذكريات زمن وردي حافل بالألحان والكلام والموسيقى وبإبداعات في مجال السينما.
ومن القاهرة انتقل جثمان الفنانة العربية إلى الجزائر أمس ليوارى التراب الجزائري أرض والدها وأجدادها. علما أن الراحلة ولدت بباريس في ثلاثينات القرن الماضي من أب جزائري الأصل وأم لبنانية وتعلمت قواعد الموسيقى والغناء على يد موسيقيين مختصين في ناد لوالدها بالعاصمة الفرنسية وكان من بينهم التونسي الصادق ثريا
وتعدّ الراحلة واحدة من الأصوات التي عمّرت الوجدان العربي خلال مسيرتها الفنية التي انطلقت منذ الستينات ببيروت لتكون القاهرة مقرّ إقامتها ومنطلق إشعاعها وذيوع صيتها الفني عربيا في زمن كانت الساحة الفنية هناك تزخر بأصوات في أوج العطاء والنجومية كأم كلثوم وعبد الحليم حافظ وليلى مراد وفريد الأطرش ومحمد عبد الوهاب ونجاة الصغيرة وغيرهم
كما استطاعت صاحبة الحنجرة الذهبية أن تحافظ على مستوى عال من التطريب جمع بين الحسّ الفني المرهف والحضور المتميز والاختيار الجيد لأعمالها. فغنت للحب والعشق وتغنت بالوطن والإنسان إلى درجة أن المستمع لأغانيها أين ما كان في الوطن العربي يشعر أنها تتغنى به وتنقل هواجسه وتعبر عن أحاسيسه
وتعاملت وردة الجزائرية خلال مسيرتها الحافلة مع أبرز نجوم التلحين والشعر في العالم العربي على غرار محمد عبد الوهاب وعبد الوهاب محمد وكمال الطويل والليبي محمد حسن وغيرهم. وما يحسب لهذه الفنانة أنها كانت وليدة عصرها فنيا فغنت الروائع الطربية زمن انتشار هذا النمط الفني فأسمعت وأطربت وأقنعت. وانخرطت مع النمط الغنائي الخفيف في التسعينات من قبيل «بتونـِّس بيك» وغيرها لكن على طريقتها لتعود لأداء الأغنية الجزائرية وإيقاع الراي
ورغم ما تميزت به حياة الراحلة من تقلبات عديدة فإنها كانت محل ترحيب وتكريم لم يخل من انتقاد. ولم يقتصر حراكها على ما هو فني فحسب بل تعداه إلى ما هو سياسي نظرا لما عرفت به من اقتراب من نظام حكم الراحل جمال عبد الناصر وما أثاره ذلك من مواقف أدت إلى ابتعادها المفاجئ بعودتها إلى الجزائر أين تزوجت هناك وابتعدت لفترة عن الغناء لتعود وتظهر من جديد كفنانة مقربة من نظام الحكم في بلدها. ثم كانت العودة إلى القاهرة من جديد في السبعينات لتتزوج الملحن بليغ حمدي الذي كان رفيق دربها في الميدان وقدما معا مجموعة من أنجح أعمال وردة الجزائرية. وكانت هذه الزيجة بمثابة المنعرج الحاسم في مسيرتها الفنية نظرا لما أنجزاه من أغان ظلت خالدة في الشارع العربي ومغنـّاة من الجميع دون ملل على غرار «اسمعوني» و»العيون السود» و»دندنة» و»بودّعك» و»سيدي يا سيدي» وغيرها من الروائع الفنية الخالدة
وقد شاءت أميرة الغناء العربي أن تودّع عشاقها في تونس في حفل لا ينسى احتضنه ركح المسرح الأثري بقرطاج في صائفة 2010. لترحل وتترك بصمة فنية خاصة. رحلت لا مبالية بالأصوات المردّدة لرائعتها «خليك هنا با لاش تفارق»
نزيهة الغضباني
الصباح 19/5/2012