الوزارة تسعى لتصحيح الوضع
انتداب أئمة كانوا "افتكوا" المنابر !!
تتالى الاحداث وتتسارع وتيرتها في بلادنا منذ اشهر، وقد كان القاسم المشترك بينها وحسب ما ذهب اليه كثيرون- وجود صراع ايديولوجي خفي بين مدارس سياسية مختلفة.
كما اعتبر محللون ومتابعون للشان الوطني ان للمساجد دورا هاما في المرحلة القادمة حيث يرى البعض ان بامكانها توجيه روادها نحو الطريق الصحيح الذي يرتكز اساسا على احترام الاخرين، فيما قال البعض الاخر ان اعتلاء «مغالون في الدين» للمنابر سيعسر من طريقة التحاور مع الاخر الذي يسعى جاهدا حسب رايهم الى استفزازهم. اما الطرف الثالث فيدعو جميع التيارات السياسية من اقصى اليمين الى اقصى اليسار الى التحاور في اطار الاحترام من اجل المصلحة العامة.
وبين هذا الرأي وذاك، وعلى ضوء الاحداث التي شهدتها بعض مساجدنا فان الخطاب الديني المعتدل سيكون الكفيل بغلق المنافذ امام كل الغلاة.
مفهموم «الجهاد» اليوم
يشدد الدكتور كمال عمران على ان الوظيفة الاساسية للمسجد هي تعليم الناس دينهم، حيث يقول: «ان الاهمية الكبرى التي تكتسيها المساجد في حياتنا على مرّ التاريخ تجعل من الائمة امام ضرورة تعليم الناس دينهم عبر نشر الوعي الاجتماعي والدعوة الى السلام والمحبة والتعاون ونبذ العنف والتطرف والمغالاة في الدين. ان للمسجد رمزية في نشر قيم التسامح والاعتدال والفاعلية الايجابية (اي ان يكون الفرد زارعا للخير والصلاح في المجتمع)».
ويواصل محدثنا قائلا: «ان الذين يتخذون من منابر بعض المساجد مكانا لنشر عقيدتهم الداعية الى الجهاد والخروج على الحكام بالقوة واثارة الفوضى وتكفير الغير خاطئون لا محالة، لان الجهاد الاكبر اليوم هو العمل على ايجاد سبل للخروج من التخلف، فالاسلام يريد اناسا احرارا ومستقلين اقتصاديا واجتماعيا، لا تابعين لفكر وعقيدة وطرف معين».
الحل في الحوار
وعند سؤاله عن الحل الانسب لوضع حد لهذا التمشي العقائدي اجاب الدكتور كمال عمران: «في ظل انعدام الحل الامني حاليا، لابد من اعتماد لغة الحوار مع حاملي هذا الفكر (ويعني بذلك الفكر المنغلق) والجدال بالتي هي احسن، لانهم يعتبرون ان الفكر الذي يعتقدونه من المسلمات غير القابلة للنقاش والحوار. كما ان اقناعهم بالحجة الشرعية (من خلال العودة الى كتاب الله و سنة الرسول صلى الله عليه وسلم) يتطلب منا الصبر عليهم والحكمة في التعامل معهم. لست من دعاة الحلول الامنية بل من المنادين بالحوار». ويؤكد محدثنا على ان منتهجي الشدة في خطابهم الديني لن يكونوا يوما علماء ولا دعاة.
الوزارة توضح
ولمزيد القاء الضوء على هذا الموضوع اتصلت «الأسبوعي» بجمال الوسلاتي رئيس ديوان وزير الشؤون الدينية لمعرفة راي الوزارة الذي اكد وجود عدة مساجد تشهد «انفلاتا» حيث نصب اشخاص انفسهم ائمة فيها يمكن لهم استغلالها لدعم توجه ديني معين. ويقول محدثنا: «ليس لدينا أية آلية في الوقت الراهن للحيلولة دون ما تشهده بعض جوامعنا، حتى الامن غير قادر على التدخل حاليا لوضع حد لهذا الانفلات، لكننا وجدنا حلا وحيدا يتمثل في وضع برنامج يعنى بتكوين ائمة المساجد وقد قبلنا مؤخرا 88 منهم نجحوا في مناظرة وطنية نظمناها وهم الان يخوضون تربصا يدوم 4 اشهر بمعهد الشريعة واصول الدين ليقع فيما بعد تعيينهم في المساجد. لا يمكن لنا التدخل في مواضيع خطب الجمعة لكن اظن ان معالجة حالات الانفلات والخروج عن الموضوع في الكثير من الخطب والدروس الدينية في عدد من مساجدنا ستكون من مشمولات الحكومة المنتظرة المدعوة الى مواصلة تأطير الائمة وتوجيههم وفقا لقواعد عقيدتنا السمحة».
إن للعبادة دورا هاما في توجيه الراي العام في هذه المرحلة الحساسة التي تمر بها بلادنا، لذلك فان جميع الاطراف المعنية مطالبون بالوقوف والعمل على تقويم كل اعوجاج للخطاب الديني ولدعاة الفتنة. كما أن الطرف المقابل مطالب باحترام المعتقدات بداعي حرية الإبداع.
جمال الفرشيشي
الصباح الاسبوعي 12/12/2011