يبدو أن بعض التجار استغلّوا هذه الظرفية واهتمام المواطن بالعمل السياسي وانتخابات المجلس الوطني التأسيسي وغياب المراقبة الاقتصادية للترفيع في الأسعار.
سعر الكيلوغرام الواحد من اللحوم الحمراء مثل البقري والعلوش وصل الى 16 دينارا وأسعار السمك تعرف بدورها ارتفاعا غير مسبوق لا يتماشى مع المقدرة الشرائية للمواطن، وأثمان اللحوم البيضاء مارست خلال الايام الفارطة سياسة استنزاف ميزانية المواطن وارتفعت بشكل لافت ويتجاوز في بعض المناطق ثمن الكيلوغرام الواحد من الدجاج أكثر من 5 دنانير.
وأصابت حُمى ارتفاع الاسعار الخضروات والغلال فسعر الكيلوغرام من البطاطا وصل الى حوالي دينار وسعر الطماطم تجاوز 1000 مي والفلفل بلغ ثمنه حدود 2500 مي.
وداخل بعض الفضاءات والمحلات التجارية يجد المواطن نفسه في رحلة بحث مضنية على مواد استهلاكية مثل الحليب والسكر والزيت المدعّم.
ولئن يحاول بعض التجار استغلال هذه الفترة وانشغال التونسيين بالانتخابات والعمل السياسي للترفيع في الأسعار، فإن الأسباب الموضوعية الأخرى التي تفسر ارتفاع الاسعار كثرة الطلب وانفتاح السوق الليبية أمام المنتوجات التونسية ونقل المواد الغذائية عبر الحدود التونسية ـ الليبية بطرق شرعية وأحيانا غير شرعية.
كذلك من أسباب ارتفاع اسعار اللحوم الحمراء في هذه الفترة ارتفاع تكلفة الانتاج والعلف.
كما أن لهفة المواطن وخوفه غير المبرّر من فترة ما بعد انتخابات 23 أكتوبر دفعته الى اقتناء كميات كبيرة من المواد الغذائية وتخزينها مما أدّى الى بروز الاحتكار والبيع المشروط والتلاعب بالأسعار.
وأكثر ما يخشاه المواطن المثقل بالاداءات والديون وتتالي المناسبات ان تتضاعف أسعار المنتوجات الاستهلاكية أكثر وأن تستغل بعض الاطراف حالة الفراغ السياسي والاقتصادي لمزيد ممارسة لعبة استنزاف جيوب العائلات التونسية.
وفي المقابل يؤكد البعض من الخبراء في المجال الاقتصادي أن تذمّر المواطن سببه ضعف المقدرة الشرائية ومحدودية راتبه التي لم تعد مواكبة لتحوّلات العصر ولتكاليف المعيشة.