كارتر وماكين لملاحظة انتخابات التأسيسي: هل تحتاج الانتخابات التونسية إلى التأشيرة الأمريكية؟ الخميس 06 اكتوبر 2011
تونس ـ «الشروق» سيكون أعوان مركز كارتر Carter center الذي يترأسه الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وكذلك «المعهد الجمهوري الأمريكي ـ the International Republic institute»، الذي يترأسه السيناتور الأمريكي جون ماكين في تونس لملاحظة سير انتخابات المجلس التأسيسي. وكان مركز كارتر قد تلقى مراسلة من الهيئة العليا المستقلة للانتخابات خلال منتصف شهر جويلية الماضي للقدوم الى تونس والمشاركة مع الملاحظين في متابعة انتخابات التأسيسي وحصل هذا المركز من الهيئة المستقلة على اعتماد رسمي يوم 4 أوت الماضي للمشاركة في عمليات الملاحظة.
وأصدر مركز كارتر مؤخرا بيانا أمضاه جيمي كارتر أعلن فيه عن استجابته للدعوة الموجهة إليه من رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات كمال الجندوبي وشرع عمليا في إيفاد بعثة رسمية بقيادة مدير المكتب الميداني «شابينة فيغاني» معبّرا عن تأييده لانتخابات سلمية وشفافة في تونس.
مهمة في السودان
ويعتبر كارتر أنّ «انتخابات المجلس التأسيسي في تونس ستكون اختبارا مهمّا لنجاح الانتقال الديمقراطي في البلاد ويأمل في توفير أساس قويّ للديمقراطية».
غير أنّ مركز كارتر سوف لن يكتفي بمجرّد ملاحظة عملية الاقتراع في مكاتب التصويت، بل سيحبّذ خبراء من 12 بلدا متخصّصين في الانتخابات لملاحظة عمليات الفرز وقد يحضر عملية الاعلان عن النتائج النهائية.
وتأتي دعوة الهيئة المستقلة لمركز كارتر في ظل توجّس عدد كبير من التونسيين من التدخل الأجنبي في التحضير لانتخابات المجلس التأسيسي لاسيما في مؤسسات ومنظمات أمريكية وعلى رأسها مركز كارتر الذي نشط في دول كثيرة وأشرف على سير العمليات الانتخابية في السودان بعد انفصال جنوبه عن شماله وفي العراق بعد سقوط نظام صدام حسين.
توجس التونسيين
وينبع توجّس بعض التونسيين من حضور المؤسسات والمنظمات الأمريكية من الخشية المبرّرة ـ أحيانا ـ من إخفاء غايات وأهداف غير معلنة لخدمة المصالح الأمريكية ودون الخوض في صدقية نوايا الهيئة العليا المستقلة للانتخابات وسعيها إلى ضمان شفافية ونزاهة أكبر لهذه الانتخابات، فثمّة معطيات وحقائق من المحبّذ الحديث عنها الآن وسط أجواء المنافسة الديمقراطية بين المترشحين والحرص الجماعي على ضمان السيادة المطلقة لتونس ولشعبها وأراضيها.
المعروف أن مركز كارتر يتلقى دعما ماليا سنويا من مؤسسات فيدرالية رسمية أمريكية بمبالغ طائلة ويخضع أعوان هذا المركز لدورات تدريبية يشرف عليها ضباط سامون من مركز المخابرات الأمريكية (C.I.A) لتعليمهم كيفية حمايتهم من الاضطرابات المحتملة.
تعاون مع «إيفاس»
وقالت مصادر عليمة إن مركز كارتر يُجري تنسيقا متواصلا مع مؤسسة إيفاس «IFES» الأمريكية المتخصّصة في إدارة الانتخابات وكانت «الشروق» قد كشفت جوانب خفية لهذه المنظمة وتعاملها مع أحد الأحزاب السياسية التونسية الناشئة بعد الثورة لتقديم المشورة الفنية والسياسية لخوض الحملات الانتخابية.
ولعلّ حرص المنظمات الأمريكية على مواكبة انتخابات التأسيسي يعكس حرص الادارة الأمريكية على المتابعة الدقيقة لهذه الانتخابات وكيفية رسم ملامح النظام السياسي الجديد في تونس وربما الحيلولة دون وصول تيارات سياسية بعينها الى السلطة.
والغريب أنه في الوقت الذي تتلقى فيه مؤسسة كارتر دعوة شخصية الى ملاحظة انتخابات التأسيسي في تونس. يعلن حزب الوفد المصري في أوت الماضي رفضه القطعي للعرض الذي قدّمه جيمي كارتر للسلطات المصرية لمراقبة الانتخابات المنتظرة في مصر. فقد رفض السيد البدوي رئيس حزب الوفد المصري خلال لقائه بالسيدة «سان فاندين بيرج» مديرة مركز «كارتر» بالقاهرة الرقابة الدولية على الانتخابات في مصر «فالشعب المصري أصبح الآن سيد نفسه وسيتكفل القضاة المصريون بمهمة الاشراف على صناديق الاقتراع كما أن للمصريين حساسية شديدة من التدخل الأجنبي في شؤونهم الداخلية».
معهد «ماكين» في تونس
والمعروف أن مركز كارتر، تولى منذ إحداثه سنة 1982 على أيدي الرئيس الأسبق جيمي كارتر الحائز على جائزة نوبل للسلام وزوجته «روزالين سميث كارتر»، مراقبة حوالي 25 عملية انتخاب في العالم ويتمّ اعتماد ما يرد في تقاريره من مقترحات وحلول من قبل الادارة الأمريكية.
أما المؤسسة الأمريكية الثانية التي ستكون حاضرة لملاحظة انتخابات التأسيسي فهي «المعهد الجمهوري الأمريكي» الذي يترأسه السيناتور الأمريكي جون ماكين المصنّف ضمن صقور السياسة الخارجية الأمريكية المؤيدين للحرب على العراق والزيادة في عدد القوات العسكرية فيه وكان أيضا من أشد الداعين الى اتخاذ موقف متشدّد من إيران وكان منافسا بإسم الحزب الجمهوري الأمريكي للرئيس باراك أوباما مرشح الحزب الديمقراطي خلال سنة 2008، ويُعرف عن «ماكين» صداقته الحميمية بأحمد الجلبي أحد الوجوه العراقية العائدين الى العراق بعد سقوط النظام البعثي.
ويُذكر أن المعهد الجمهوري الأمريكي، الذي تأسس سنة 1983 في عهد الرئيس الأمريكي الراحل «رونالد ريغان»، يتلقى تمويلات سنوية من هيئة المعونة الأمريكية ووزارة الخارجية والمخابرات المركزية الأمريكية.
وكان «جون ماكين» أصدر في وقت سابق لانطلاق الحملة الانتخابية تحضيرا لانتخاب المجلس الوطني التأسيسي بيانا قال فيه إن المعهد شرع في جولة ثانية من الأبحاث ليدرس رؤية التونسيين للأحزاب السياسية وأكثر القضايا التي تقلق التونسيين».
وقد جلب المعهد سياسيين من دول مثل بلغاريا والمجر والبرتغال للتشاور مع بعض الأحزاب السياسية قبل انطلاق الحملة الانتخابية.
ديمقراطية بنكهة أمريكية
ويركز المعهد الجمهوري عمله على دعم الأحزاب السياسية تدريبا وتمويلا في عديد البلدان التي كان له فيها حضور لمواكبة عمليات الانتقال الديمقراطي.
بقي أن نشير الى أن هذا المعهد يضمّ في تركيبته شخصيات سياسية أمريكية مرموقة ورجال أعمال أمريكيين أمثال «بينر ماديجان»، رئيس شركة جونسون وبول بريمر حاكم العراق السابق وأليسون فورتير نائبة رئيس برامج الصواريخ الدفاعية في شركة لوكهيد مارتن وعمدة نيويورك السابق جون جارنر ورتشارد وليامسون المندوب الرئاسي السابق في السودان.
ويركز المعهد جلّ نشاطه في الدول التي تشهد حروبا وتمردا لما تسميهم أمريكا الجماعات المناهضة للسياسة الأمريكية وكذلك الدول المعروفة بمواقعها الاستراتيجية أولها العلاقة باستقرار أمريكا واسرائيل ويسعى ماكين ورفاقه دائما الى أن تكون الانتخابات التي يلاحظها ديمقراطية وشفافة...
لكن بنكهة أمريكية.ناجي الزعيري