بسم الله الرحمان الرحيم
ي مقامنا هذا احببت ان أرفق الحديث الذي نشرناه سابقا (عن الصدقة) باحدى أجمل الحقائق المفقودة اليوم
يقول لنا رسول الله صلّى الله عليه و سلّم
(عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين من بعدي تمسكوا بها وعضوا عليها بالنواجذ وإياكم ومحدثات الأمور )(1)
فقلت ان شاء الله نذكّر انفسنا و ايّاكم بما كان يعمل السّلف الصالح
هذا عمر و ابا بكر (رضي الله عنهما) يخرجان في الليل، كلٌّ واحد لوحده، يبحثان عن أيّ خدمة يقدّمانها للمجتمع
فاذا وجد أحدهما جائعا حمل اليه الطعام، او عاجزا قام على خدمته
و الأجمل انّهما لم يكونا يعلمان بأمر بعضهما، و لم يكونا ممن يتفاخرون بعملهم
و في يوم من الأيام رصد عمر بن الخطاب عجوزا عمياء وحيدة ليس لها أحد
فقال في نفسه سأقوم على خدمتها و عزم على الأمر
و لكن كلّما اتى بيتها و جده نظيفا مرتبا ووجد الأكل مطبوخا
و تكرر الأمر فقرر عمر ان يأتي باكرا و ينظر من هذا الذي يساعدها
فإذا به أبا بكر فكأن عمر يقول في نفسه و من غيرك يا أبا بكر
-----
و القصة لم تنته هنا ففي سلفنا الصالح كان هذا الأمر عاديا و يتم في أقصى حدود
السّرية الممكنة
فيروي لنا يونس بن بكير ، عن محمد بن إسحاق أنّه كان ناس من أهل المدينة
يعيشون ، لا يدرون من أين كان معاشهم ، فلما مات علي بن الحسين فقدوا ذلك الذي
كانوا يؤتون بالليل .
و لمّا غسلوه ليدفنوه وجدوا بظهره أثرا مما كان ينقل الجرب بالليل إلى منازل الأرامل .
و الأدهى في ذلك انّه حتّى أهله لم يكونوا يعلمون و ظنّوا انه كان شحيحا يكنز المال
و هو كان ينفقه سرّا على المحتاجين
فمن منّا يعملها اليوم؟ فمن منّا يعملها اليوم؟
_______________________________________________________________
(1) حديث صحيح ، وقد رواه الإمام أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه ، وصححه الألباني والأرنؤوط بِمجموع طُرُقـه .