بسم الله الرحمان الرحيم
الشروق» مكتب صفاقس
لقي كهل تونسي أصيل قرية «الدرابلة» شرق معتمدية جبنيانة من ولاية صفاقس خلال الاسبوع الفارط مصرعه بمدينة سوق الخميس بطرابلس من القطر الليبي الشقيق على يد عناصر من كتائب القذافي... «الشروق» حققت في الموضوع..
منذ نهاية الاسبوع الفارط انتشرت بجهة جبنيانة أخبار قادمة من الشقيقة ليبيا تتحدث عن مقتل المواطن لطفي الدربالي البالغ من العمر 49 سنة في الليلة الفاصلة بين يومي الاربعاء والخميس على يد مجموعة من المسلحين يشتبه في انتمائهم الى كتائب العقيد معمر القذافي. ورغم مرور حوالي أسبوع على هذه الجريمة الا ان عائلة الفقيد مازالت تنتظر قدوم جثمانه من الأراضي الليبية.
«الشروق» تنقلت الى أسرة القتيل لتقف على حدة المأساة فالفقيد أب لخمسة أبناء (حافظ 26 سنة وحلمي 25 سنة وأنور 14 سنة تلميذ بالسابعة أساسي وبنتان هالة 19 سنة وهيفاء 8 سنوات) وهو المتكفل بقضاء شؤون عائلات أغلب إخوته المهاجرين بإيطاليا وعرف لدى الجميع بدماثة أخلاقه ومساعدته لأقربائه اذ غالبا ما يساعدهم على إيجاد مواطن شغل لهم بالقطر الليبي.
الليلة المشؤومة
لم يستطع ابنه حلمي ان يسرد لنا تفاصيل الجريمة التي تعرض لها والده كاملة ليتدخل ناجي شقيق المرحوم في أكثر من مناسبة للحديث عن بعض الحيثيات. فالأب لطفي يقيم منذ فترة في مدينة سيدي السايح التابعة إداريا لمنطقة سوق الخميس التي تبعد حوالي 40 كلم شرق العاصمة الليبية، وتنقل المرحوم مساء يوم الحادثة الى طرابلس لاستقبال ابنه الأكبر حافظ القادم من جبنيانة وعند دخوله المنزل حوالي منتصف الليل وجد جاره الليبي المسمى كمال في انتظاره منذ أكثر من 6 ساعات.
وقال حلمي إن هذا الشخص غريب الملامح والأطوار فقد قدم الى مدينة سوق الخميس من مدينة غريان منذ شهرين رفقة امرأة مغربية ادعى أنها زوجته، وكان كثير التردد على مقر العائلة حيث يقيم حلمي وعدد من عمال البناء الذين يشتغلون مع والده في مختلف المشاريع التي يشرف عليها المرحوم. وكان كثير السؤال عن العائدات المالية لمختلف الأعمال التي تشرف عليها هذه العائلة التونسية وفي الأثناء يشاركهم وجباتهم الغذائية بين الحين والآخر ورغم علامات الغطرسة والجبروت البادية على بنيته الجسدية وتصرفاته الا ان الجميع قدموا له يد المساعدة في اكثر من مناسبة.
وفي هذا الاطار طلب كمال من الأب التنقل معه على سيارته الى جهة مجهولة لإصلاح وسيلة نقله التي يحتاجها لقضاء حاجة أكيدة جدا، في البداية امتنع لطفي حين أعلمه بأن النور الكهربائي لسيارته معطب غير ان القاتل أصر على طلبه وافتك مفتاح السيارة وأكد له بأنه سيتولى قيادة السيارة بنفسه عندئذ استجاب الفقيد لطلبه وهنا يروي حلمي آخر كلمات صدرت عن والده وهو يودعه قائلا «ربي يستر من عواقب هذه الليلة
اعتداء مدبر
ومرت الساعات ولم يعد المرحوم وتكفل أبناؤه وأصدقاؤهم من الليبيين بالبحث عنه ولم يقع العثور عليه سوى يوم السبت بمستشفى بوسليم بطرابلس. وحسب رواية الجهات الأمنية الليبية فإن وحدة من قوات الثوار كانت تقوم بدورية عادية تفطن أفرادها لصوت رصاص يصدر من منزل بضاحية أحد الأحياء في العاصمة الليبية وعند اقتحامهم لمكان الجريمة عثروا على التونسي لطفي الدربالي ينزف دما بعد تعرضه الى ثلاث رصاصات على مستوى الفخذ الأيمن والبطن والكتف حيث لفظ أنفاسه الأخيرة بمجرد وضعه بسيارة الأمن دون ان يتمكن من الكشف عن تفاصيل الجريمة البشعة التي تعرض لها، وفي المقابل تم إلقاء القبض على كمال واثنين من رفاقه حيث عثر بحوزتهم على حوالي 300 جنيه سلبوها من المرحوم.
وحسب التحريات الأولية فإن المرحوم لطفي قد تعرض الى عملية ابتزاز من طرف كمال ورفاقه الذين تبيّن في ما بعد انهم من بقايا كتائب القذافي الذين ضاقت بهم السبل فامتهنوا النهب والسرقة والقتل خاصة في صفوف المهاجرين، ويبدو ان المرحوم قد رفض هذه التهديدات ليقوم كمال بإطلاق النار عليه وأرداه قتيلا.
ومن المفارقات ان الفقيد عايش كامل أطوار الحرب الليبية، ولم يعد أرض الوطن الا بعد سقوط حكم القذافي بعدة أشهر. ورغم مرور اسبوع على وفاته الا ان عائلته لم تتمكن من جلب رفاته الى أرض الوطن وقد وردت علينا مكالمات هاتفية من ليبيا تؤكد تخاذل العاملين في القنصلية التونسية هناك ورفضهم مد يد المساعدة لتسهيل عودة جثمان المرحوم لأسرته. ويناشد أبناؤه وأقرباؤه الحكومة التونسية التدخل الجدي والسريع لجلب رفاته ومطالبة الحكومة الليبية بالقصاص من القتلة.
جعفر الخماري