مسامرة فكرية لابن الجهة الاستاذ عبد الواحد المكني
باحث في التاريخ المعاصر:«تسونامي جمعيّاتي» بعد الثورة فتح باب تدفق الأموال المشبوهة
أكّد أستاذ التاريخ المعاصرعبد الواحد المكني في المسامرة الفكرية التي انعقدت السبت المنقضي بصفاقس وتناولت موضوع "المجتمع المدني بين الموجود و المنشود" أنّ الفرد اليوم في تونس يعيش في مجتمع باتت مكاسبه فيه مهددة.
وأبدى الباحث تخوفه من " تغوّل المجتمع السياسي" على المجتمع المدني كمحاولة لتدجين المنظمات والجمعيات وتصفية كل نفس معارض داعيا في ذات السياق إلى فتح تحقيق في مسألة حرق مقرات الحزب الحاكم بحكم أن هناك أطرافا سعت إلى حرق الذاكرة الوطنية وأنّ المجتمع المدني بنشطائه لم يدع قط إلى الحرق أو النهب.
دور المجتمع المدني
واستعرض المكني عدة تعريفات لمفهوم المجتمع المدني كشبكة من التنظيمات التي تحمي المجتمع من تصلّب السلطة باعتباره سلطة موازية ومرتبطا بالمدينة على غرار تعريف عادل الجابري "لا وجود لمجتمع مدني خارج المدينة" أو كما عبّرعنه الأستاذ راشد الغنوشي "هو المجتمع الأهلي الذي يحدّ من سلطة الدولة".
وقال :" في تونس لم نستورد المجتمع المدني وبعد7قرون من الهيمنة الرومانية المسيحية جاءت الفترة الإسلامية بتنظيمات أهلية وبذلك تراكمت جملة من المؤسسات التي تتميّز عن المجتمع الغربي."
معرّجا على مفهوم التنظيمات الحرفية في التاريخ المعاصر التي كانت بالأساس مدنية مثلما هو حال فترة الثلاثينات في تونس التي شهدت زخما جمعياتيا على غرار الجمعية اللخمية في صفاقس نتيجة الحركة الإصلاحية التونسية.
وناقشت المسامرة الفكرية مفهوم الهيمنة على الجمعيات من قِبل السلطة وتغول المجتمع السياسي على المجتمع المدني كمحاولة لتدجين المنظمة الشغيلة الإتحاد العام التونسي للشغل، وكل نفس معارض في حين أن المجتمع المدني هو من قام بتهيئة الأرضية للإنتفاضة على بن علي كما أنّ الفراغ في قيادة الثورة أملاه المجتمع المدني كذلك.
خصائص المجتمع المدني
بعد منعرج 23أكتوبر والتأسيسي و السلطة الإئتلافية الحاكمة ظهر "تسونامي جمعياتي" وصفه المكني بالظاهرة الخطيرة باعتبارما يمكن أن ينتج عنه من غياب الفاعلية والجدوى و تشابه أدوار وتشتيت للمجهودات بعدد جمعياتي ي فوق العشرة آلاف جمعية جزء منها تكوّن من 14جانفي .
غير أن الأهم هو الكم الهائل من الجمعيات التي تكونت ضدّ مفهوم المساواة و التي لا تحترم حقوق الإنسان إذ ليس كل جمعية تعتبر من مكونات المجتمع المدني لذلك فإن القانون هو الفيصل تجاه الجمعيات التي تحفِّز النعرات القبلية والعروشية بالإضافة إلى بروز جمعيات لا تتلاءم وروح القانون إذ الجمعيات المدنية التي تكون مطابقة للقانون وحدها هي التي يحق لها أن تنتمي للمجتمع المدني وإلا فإنّ الباب سيفتح على مصراعيه أمام الأموال المشبوهة التي تُضخُّ من الخارج بحكم أنه لا توجد تقارير تبرّر هذه التمويلات المتأتية والتي ربّما مثلما أفاد الأستاذ عبد الواحد المكني تكون سببا قويا في إقالة محافظ البنك المركزي.
واقترح المكني في هذا الصدد ضرورة توفّرعنصر الشفافية المالية و الإنتقال إلى مرحلة التجويد نظرا لأن الكم من الجمعيات يهدف أساسا إلى تشتيت الجهود والدخول في المزايدات داعيا إلى التأسيس لخصائص وجب توفّرها في النسيج الجمعياتي على أساس التوعية والتنظيم والإستقلال عن الدولة و خدمة الصالح العام وعدم السعي إلى الوصول إلى السلطة ونبذ العنف باعتبار أنه اليوم ورغم وجود مجتمع مدني قوي فإننا نعيش في منعرج خطير من قِبلِ أناس يدّعون انتماءهم للمجتمع المدني ويمارسون عكس البناء المدني.
|
|
تونس في يوم الثلاثاء 14 أوت 2012 |