من فينا لم يستبشر و هو يرى الحملات الأمنية على الطرقات و في المساحات العامّة و في أماكن أخرى تجمع المنحرفين و ذوي السّوابق…و بالفعل بدأت نتائج هذه الحملات الأمنيّة تعطي أكلها و لاحظنا عودة تدريجية للهدوء و الاستقرار في مدينة صفاقس رغم عدم انقطاع هذه العمليّات الإجرامية و هو شي منطقي و مفهوم رغم المجهودات الجبّارة التي يبذلها الأمن و الجيش ..أمّا ما لم يفهمه و لن يفهمه كلّ عاقل هو هذا العفو الرّئاسي الذي أخرج 8844 سجينا تجنّدت و حدات كاملة من الأمن لإلقاء القبض عليهم متلبّسين بجرائم تمسّ الحق العام ليعودوا ” أو بالأحرى معظمهم لكي لا نظلم من عاد إلى سواء السّبيل ” إلى عالمهم الإجرامي ليقترفوا جرائم أخرى تضاف إلى ملفّاتهم القاتمة و ينتقموا ممّن خيّل إليهم أنّه وشى بهم و قد حدثت بمدينة صفاقس في اليومين الأخيرين حوادث في هذا السّياق منها تعرّض شابين إلى عمليّة براكاج في وضح النّهار تحت التهديد بسلاح أبيض خسرا من جرّائه هواتفهما النّقّالة
و هنا يطرح السّؤال نفسه .. ما هي المقاييس الّتي وقع اعتمادها لتمتيع هذه الفئة الضّالّة بالعفو الرّئاسي ؟ لماذا لم يقع تمتيع من طال مقامه وراء القضبان لجرائم مختلفة و بلغ به العمر عتيّا و أصبح غير قادر علي الإتيان بأفعال إجرامية ؟ لماذا وقع تسريح مجرمين يعرفهم الدّانى و القاصي و تعرفهم المؤسّسة الأمنية التي لا يمكن لها أن تخطأ في الحكم عليهم بفضل الخبرة و الحنكة التي يتميّزون بها…أتساءل هل وقع استشارة هذه المؤسّسة عند تمتيع المجرمين بالعفو الرّئاسي ؟
أتمنّى أن لا يكون قرار العفو الرّئاسي قرارا سياسيّا أتّخذ بسرعة لخدمة أجندة سياسيّة و لتلميع الصّورة ..و أتمنّى أن لا تكون أجهزتنا الأمنيّة مضطرّة مرّة أخرى للعمل على إعادة إيقافهم و ما يكلّف ذلك خزينة الدّولة من مصاريف باهظة بعد أن يكون المجتمع قد دفع الثّمن من أمنه و طمأنينته نتيجة قرار سياسي خاطئ أو معايير مغلوطة لمنح العفو الرّئاسي فإمّا أن نكفّ علي منح المجرمين فرصة أخرى لبسط نفوذهم على الشّارع أو لنعدّل أوتار معايير العفو الرّئاسي .