رغم مضي عام على الإطاحة بنظام بن على فإنه لم يتم الكشف عن هوية القناصة المتهمين بقتل العشرات خلال الأحداث التي شهدتها الثورة، كما لم يتم إلى حدّ اليوم إصدار أي حكم على المتهمين بقتل المتظاهرين خلال الثورة رغم أن نحو 20 من رجال الأمن والقيادات الأمنية رهن الاعتقال منذ أشهر.
ويتداول الشارع التونسي العديد من الروايات المختلفة حول حقيقة القناصة وإذا كانوا تابعين لوزارة الداخلية أو لجهاز الأمن الرئاسي أو للجيش أو أنهم فريق خاص سري أو مرتزقة أجانب جندهم بن على لحماية نظامه.
حتى أن اللجنة الوطنية لتقصى الحقائق حول أحدث الثورة لم تتوصل إلى حلّ لغز القناصة وتحديد هوياتهم وأقرت بصعوبة التعرف عليهم خاصة في ظلّ شح المعلومات المتوفرة من قبل الأجهزة الأمنية ومن الجيش الوطني.
وقال رئيس اللجنة توفيق بودربالة إن وزارة الداخلية رفضت التعاون مع اللجنة وامتنعت عن تسليم قائمة بأسماء أعوان الأمن الذين جندتهم الوزارة لقمع الاحتجاجات الشعبية قبل 14 جانفي، مبينا أن اللجنة استمعت إلى أقوال معتقلين من كبار القيادات الأمنية في عهد بن علي وأنهم نفوا جميعهم وجود جهاز قنص في وزارة الداخلية أو تجنيد قناصة خلال الثورة.
ولفت بودربالة إلى أن تحريات اللجنة أظهرت أن العديد من الضحايا تم قتلهم أو أصابتهم من قبل عناصر تتمتع بقدرة عالية على إطلاق النار عن بعد مما يؤكد عمليات القنص.
بالمقابل، أكدت مصادر مطلعة أن الأسلحة التي استخدمت للقنص قبل وبعد 14 جانفي هي أسلحة متطورة لا تمتلكها وزارة الداخلية وجهاز الأمن الرئاسي.
كما نفى كل من الوزير الأول السابق الباجي قايد السبسي وفرحات الراجحي الذي تولى منصب وزير الداخلية وجود القناصة وقال السبسي إنها إشاعة، مما أثار الرأي العام الذي اتهمه بمحاولة طمس الحقائق والالتفاف على الثورة.
من جانبه، نفى علي السرياطي الرئيس السابق لجهاز أمن بن علي أن يكون القناصة تابعين لجهاز الأمن الرئاسي.
وأعلن العميد مروان بوقرة مدير القضاء العسكري بوزارة الدفاع أن التحقيقات التي أجراها القضاء العسكري أظهرت أن أعوان أمن تابعين لوزارة الداخلية قاموا بعمليات قنص باستعمال أسلحة دقيقة وأخرى عادية من فوق أسطح مباني بمدينتي تالة والقصرين.
وتقول منظمات دولية وحقوقية تونسية إن حوالي 200 من أصل 300 من شهداء الثورة لقوا حتفهم عن طريق القنص.