هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةدعاءأحدث الصورالتسجيلدخول
جدل العلمانية والاسلام Support
جدل العلمانية والاسلام Oooo10 جدل العلمانية والاسلام Oooo210

 

 جدل العلمانية والاسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ghazzaa
إدارة المنتــدى
ghazzaa


عدد المساهمات : 1056
النشاط : 29
تاريخ التسجيل : 19/07/2011


جدل العلمانية والاسلام Empty
مُساهمةموضوع: جدل العلمانية والاسلام   جدل العلمانية والاسلام Icon_minitime2011-09-03, 18:03

جدل العلمانية والاسلام...أكاديميون مختصون في الاسلاميات والأديان المقارنة يخوضون الجدل
العلمانيّة مركز إبدال جديد ينهض على التحديـث وعلى المشتـرك الإنسانـي
الصحافة ـ خاص ـ نبيل درغوث
«جدل العلمانية والاسلام».. هو العنوان الأكثر إثارة للجدل الآن سؤال يتصدر كلّ المنابرالاعلامية بما في ذلك منابر الحوار «المنتصب» بشارع الحبيب بورقيبة من خلال نقاشات حادة تخرج احيانا عن آداب المعرفة الحقة وأصولها ما أنتج نوعا من الاختلاط في المفاهيم واللغو الذي تعلو فيه الاصوات دون ان يكون لها ما تدلي به في سبيل المعرفة.
وتختلط المفاهيم ـ خاصة لدى أهل السياسة او لنقل «أصحاب النوادي الحزبية وأمنائها الذين أبانوا جهلا معرفيا وهم يخوضون هذا الجدل حول العلمانية والاسلام ونؤكد هنا على «المعرفي» باعتبار ان موضوع النقاش معرفي وفكري بالاساس ولا علاقة له بالتداعي السياسي ـ ان صح القول.
ولا نتردد في التأكيد على ان اثارة سؤال العلمانية والاسلام اليوم في تونس ليست له مقاصد معرفية من أجل تطوير الحراك الفكري والمعرفي ولدفعه الى أقصاه ولتصحيح مسارات الحداثة التونسية وإنما يجيء كردة فعل او كنوع من المواجهة ـ المستعجلة للاحزاب السلفية التي ظهرت ضمن هذا المخاض الذي تعيشه تونس والتي تتبنى ـ بدورها خطابا يخلط بين العلمانية والاسلام ويقدم ما يسلم بعدائهما المطلق.. لذلك نقول بان النقاش اليوم ـ بحدته المتصدرة للمنابر ـ ليس معرفيا باعتبار صرامة المعرفة في تدقيقها للمفاهيم والمعاني.
فنحن ـ بهذا المعنى ـ امام خصومات سياسية ضيقة ولسنا أمام حراك معرفي يواصل ماراكمه وبصدد الارتقاء بالمفهومين تاريخيا وحضاريا وفلسفيا ـ خصومات تنطلق من مواقع «تحزبية» تصوغ التأويل وفق شروط ومصالح هذه المواقع ... لذلك لم يتردد مفكرو الحداثة بما في ذلك فقهاء الدين في الدعوة الى ضرورة التخلص نهائيا من هذه الثنائيات الاسلام والعلمانية... العلمانية والاسلام...
في هذا الملف الذي يشارك فيه نخبة من الأكاديميين والمختصين في الأديان المقارنة تتجلى الاسئلة التالية.. هل الاسلام متعارض مع العلمانية..؟
هل الاسلام يتناقض مع قيم العلمانية.. وهل يمكن الحديث بمرونة عن قيم انسانية مشتركة يحددها الواقع الاجتماعي والثقافي والاقتصادي والسياسي مقابل التخلي عن بنى دينية ترتهن الى الوثوقي بما هو نصّ الاهي مقدس ـ كيف الفصل بين السياسة والقداسة؟ أي بين ما هو دنيا وبين ما هو دين.. بين ما هو مشترك ارضي وبين ما هو مقدس الاهي غيبي. الملف انجزه صديقنا نبيل درغوث قبل تاريخ 14 جانفي وقد تم التنكيل به بحيث ظهر مشوها ولم يلفت الانتباه كما تم تهميشه بدعوى ان الموضوع في غير سياقه والسياق كما يعلم الجميع.. لم يكن يؤمن بالصحافة التي بامكانها اثارة لجدل المعرفي.. فالمعرفة لا تشترط سياقا وانما أرضا حرة بحجم المغامرة الانسانية في هذا الوجود الرحب.
عدّة مصطلحات أثارت الجدل والصراع الإيديولوجي في الفكر العربي الحديث والمعاصر مثل «التنوير» و«الحداثة»... وخاصة «العلمانية». وقد تباينت الخطابات حول مفهوم العلمانية من رافض ومتبن لهذه المنظومة الفكرية ولنا نماذج لهذه الخطابات مثال ما قاله يوسف القرضاوي: «إن العلمانية بضاعة غريبة لم تنبت في أرضنا ولا تستقيم مع عقائدنا ومسلّماتنا الفكرية». وعلى نقيض هذا القول يعرّف عالم الاجتماع اللبناني الدكتور حليم بركات بأن العلمانية «نظام عقلاني يتساوى أمامه جميع أعضاء المجتمع في الحقوق والواجبات ويشمل فصل الدين عن الدولة وإلغاء الطائفية السياسية وتعزيز المحاكم المدنية وتوحيد قانون الأحوال الشخصية ووضع السلطة في يد الشعب واعتبار القوانين نسبية تتغير بتغيّر الأحكام والظروف والأزمنة وتعزيز الثقافة العلمية وتحرير الدين من سيطرة الدولة».
مقارنة بهذين الخطابين نجد أنّ فقيد الفكر العربي المستنير البروفيسور محمد أركون كان أكثر توازنا ووضوحا في تناوله لهذا المفهوم إذ يقول: «العلمانية لا تلغي الدين أو الممارسة الدينية بل تخرج السياسة والتنظيم الاجتماعي من حيز الممارسة الدينية كما تخرج الممارسة الدينية من الحيز الاجتماعي والسياسي كي تعيدها إلى إطارها الوحيد في الحيز الشخصي». رغم كل هذه الخطابات يبقى السؤال المطروح: هل العلمانية تتعارض مع الإسلام؟ التقينا ببعض الباحثين لنبحث معهم هذه المسألة.
يتحدث الدكتور محمد الحدّاد صاحب كرسي اليونسكوللدراسات المقارنة للأديان بتونس عن هذا الموضوع قائلا: « مفهوم العلمانية مفهوم حديث لم ينشأ إلا في عصرنا وفي ظلّ أشكال الحكم والمواطنة الحديثة ومع بروز ما يسمى بالدولة الوطنية، فلا يمكن أن يتعارض ولا أن يتوافق مع الإسلام لأن القضية برمّتها لم تكن مطروحة عندما أتى الإسلام ولأنّ شكل الدولة في الفضاء التي أتى فيه الإسلام لا علاقة له بتاتا بشكل الدولة كما هي عليه اليوم». ويضيف الحدّاد: «الذين يبحثون عن علمانية داخل الإسلام أوالذين على العكس يلتجئون إلى النصوص الإسلامية لإدانة العلمانية لم يفهموا شيئا من أصل القضية، وما يقومون به هو عين الجهل فمسألة العلمانية لا تطرح إلا في إطار الأشكال الحديثة للدولة والسلطة. والدولة هي كائن تاريخي بمعنى أنه يتطور. الدولة في العصر القديم ليست الدولة في العصر الوسيط والدولة في العصر الوسيط ليست الدولة في العصر الحديث وربّما مع العولمة ومع تكنولوجيات الاتصال الحديثة سينشأ بعد قرن أوبعد قرنين شكل جديد للدولة لا علاقة له بالشكل الذي نعرفه اليوم. وعليه، من الخطإ أن نحاسب ونقيم فكرة حديثة انطلاقا من أوضاع قديمة أوالعكس بالعكس، فهذه الأطروحات هي أطروحات لا علمية ولا تاريخية».
أمّا تناول الباحث التونسي معز الخلفاوي لهذا السؤال فكان بيداغوجيا باعتباره مدرّسا للإسلاميات بألمانيا يقول الأستاذ الخلفاوي: « إذا كان السؤال يقصد بالعلمانية فصل الدين عن الدولة، فجوابه أن العلمانية لا تتعارض مع الإسلام. بل قل إن الجمع بين الدين والدولة هوما يتعارض مع الإسلام. القائلون بـ«الإسلام دين ودولة» متأثرون بنصوص معروفة مثل الماوردي وأحكامه السلطانية في القديم وسيد قطب في العصر الحديث وهي نصوص قليلة ويجب أن يُفهم أن هذه النصوص لم تكتب مجرّدة عن سياق سياسي معين. عكس هذه المقولة له حجج دامغة في التاريخ الإسلامي، فالفقهاء كانوا فئة معارضة غالبا لسلطة الملوك وكان هؤلاء يلجؤون إلى إرغام العلماء على الإفتاء لهم أويسجنونهم أحيانا إذا استمر خروجهم عن سلطانهم. كانت هناك فئات قليلة من العلماء تقلدت مناصب في السلطان، هؤلاء تعرضوا إلى نقد شديد من لدن زملائهم، خذ مثال أبي يوسف الذي تقلد القضاء منصبا فانتقص ذلك من قيمته ووزنه بين فقهاء عصره على شدة علمه. في العصر الحديث، أعتقد أن العلمانية حاجة ماسة وهي تخدم رجال الدين إذ تحقق لهم حرية النقد والتصرف والدفاع عن المظلومين. رجال الدين عندما يكونون في المعارضة لهم وزن في الدفاع عن المجتمع وعن الحريات، أما إذا كانوا في القيادة فلا وزن لهم البتة والأمثلة على ذلك كثيرة في العصر القديم والحديث. لا أظن أن العلمانية تتعارض مع جوهر الدين الإسلامي، الذين يكرهون العلمانية أعتقد أنهم إما متدينون يريدون الحكم باسم الدين أويصدرون عن علم بالدين يحتاج مزيدا من التمحيص وأتمنى أن لا يكونوا أكثرية».
ويقول صبحي غندور مدير مركز الحوار العربي في واشنطن : « إن الإسلام، حسب اجتهادي، هو«دين وضوابط مجتمع» وليس هو«دين ودولة». ولست مع الفصل بين الدين والمجتمع، لكنّي مع ضرورة الفصل بين الدين ومؤسسات الدولة، إذ المعروف أنَّ أساليب الحكم ومفاهيم الدولة قد اختلفت إسلامياً من حقبةٍ لأخرى، حتى في سياقها التاريخي أيام الرسول (ص) ثم في فترة الخلفاء الراشدين، ثم ما جرى بعد ذلك من «حكم إسلامي متوارث» وصراعات بين حقبة وأخرى، واختلاف في المفاهيم وصيغ الحكم ومرجعياته». ويؤكد غندور على أن المجتمع العربي «بحاجة لطرح «العقلانية الدينية» في المجال الفكري والثقافي، والانطلاق من العقل لفهم النصوص، واعتماد المرجعية الشعبية في الحكم والتشريع من خلال المؤسسات التشريعية المنتخبة، وأيضاً بإلغاء الطائفية السياسية في بعض أنظمة الحكم (كالحالة اللبنانية مثلاً والتي تتكرر الآن في العراق)، أي عدم اشتراط التبعية لدين أومذهب أوعرق في أي موقع من مواقع الحكم ووظائف الدولة، مع اعتماد النهج الديمقراطي في مؤسسات الحكم وفي الوصول إليها، وبتحقيق المساواة الكاملة بين المواطنين (بما في ذلك المساواة بين المرأة والرجل) في الحقوق والواجبات».
يذهب الأستاذ سامي براهم (باحث في الإسلاميات) إلى أنّ النظرة التقليدية للعلاقة بين العلمانية والإسلام قائمة على تمايز «يخفي تاريخا من التوتّر والتشنّج والصّراع في البيئة الأوروبية التي أنتجت هذا المفهوم وهذا النظام... وأفضى كلّ ذلك إلى دفع الدّين للتراجع إلى الفضاء الخاصّ الذي يفترض أنّه مجاله الحيويّ في مقابل الفضاء العامّ والشّأن العامّ الذي تشغله السياسة... كلّ ذلك يوحي بالطلاق البائن بين الدّين والسياسة أوالدّين والشّأن العام... فلا دين في السياسة ولا سياسة في الدين على حد عبارة محمد عبده... لكنّ الضّمير الدّيني الجمعي في فضائنا الإسلامي لم يستسغ بعد هذا الفصل الحدي بين الدّيني والسياسي وبقي وعيه يشتغل على أساس أنّ إسلامه مرجع للدنيا والآخرة أوللزّماني والروحي وأصبح يعيش حالة من الانشطار والتأزّم والازدواج بفعل التضادّ بين تعاليم الدّين التي تقوم على العلاقة العضويّة بين الزماني والروحي ومتطلبات الحداثة التي حسمت أمرها مع الدّين بأشكال تتفاوت حديّة بين الفضاء الأوروبي الفرنكفوني والفضاء الأنقلوسكسوني... وبقيت العلمانيّة ترى في الدّين خطرا يهدّد مكاسب الحداثة وتدقّ ناقوس الخطر كلما أحست أنّ الدّين يطلّ من داخل فضائه الخاصّ ليتدخّل في الشّأن العامّ والدّين لا يقرّ لها بذلك ويصنع ضمن شروط سوسيولوجيّة متداخلة ومعقّدة أشكاله الخاصّة للمراوغة والتمرّد لتحطيم الإناء الذي سجن فيه بأشكال تتفاوت بين السلم والعنف».
ويستمر الباحث براهم في حديثه قائلا: «إن الالتقاء بين العَلمانيّة والإسلام يصدر من وضع ابستملوجي خاصّ قائم على استحالة المطابقة بين تصور المؤمن بالمرجعيّة الإسلاميّة عن دينه وجوهر ذلك الدين المطابق لحقيقته الربانية المطلقة إذ لا يمكن بأيّ حال من الأحوال ادّعاء المطابقة والتماهي بين المعنى المستفاد والمستثمر والمستنبط من المرجعيّة الإسلاميّة وبين المقصود الإلهي... فكلّ تصوّر دينيّ مهما كان مجاله هو عَلمانيّ بالضّرورة أي صيغ ضمن إكراهات الزمان والمكان والأفق المعرفي والتدافع التاريخي. ومدار التكليف في واقع الأمر هوما يُحصله الإنسان من معارف بشرية يكتسبها من خلال النظر في نصّ التنزيل باعتباره نصا تدوينيا والتاريخ باعتباره نصا تكوينيا نسبة إلى الكون، وهذا النظر بشريّ كسبيّ ينشط في هذا العالم الأرضي محكوما بشروطه التاريخية الموضوعية وأفقه المعرفي النسبي وملابساته الإيديولوجية والذاتية» ويضيف الأستاذ سامي براهم:«هذا أحد أسس العلمانيّة وشرط من شروط العلمنة لا بالمعنى التّحريفي السّائد «الفصل الحدّي بين السياسة والدّين» بل بالمعنى التّنويري الأصيل أي الفصل بين السياسة والقداسة أوالشّأن العامّ والمقدّس مهما كانت مرجعيّته... فالعَلمانيّة هنا نسبة إلى العالَم هي في أصلها الاشتقاقي « سيكولاريزم» نسبة إلى سياكل أي قرن بما تعنيه من زمانيّة أي الإنسان في التاريخ محكوما بالشروط الموضوعيّة والذّاتيّة والأفق المعرفي وموازين القوى والحاجات والإكراهات الرّاهنة التي تحدّد فعله في الشّأن العام وتضفي عليه صفة النسبيّة والقصور وتخضعه لقابليّة المراجعة والنقد والنقض... واعتقادنا أنّ الإسلام دين علمانيّ بامتياز بمعنى أنّه يفصل بين القصد الإلاهي وتحصيل البشر لذلك القصد كما يفصل بين نصّ التنزيل واجتهاد الناس في تحصيل دلالات التّنزيل وأحكامه التي تبقى اجتهاديّة تأويليّة بشريّة زمانيّة في ما يتعلّق بالشّأن العامّ وإن نحت منحى التوقيف في دائرة الطّقوس التعبّديّة... فالمعرفة الدّينيّة في الإسلام علمانيّة بالضّرورة لأنّها لا تقوم على المطابقة المطلقة والتّماهي الكليّ بين الفهم البشري والقصد الإلاهي أوالعلم اللدني مهما كان التّأويل مرتبطا بما يفترض أنّه نصوص قطعيّة ذلك أنّ القطعيّة اللغويّة لألفاظ التّنزيل لا تعني بالضّرورة قطعيّتها الحكميّة التّشريعيّة أي دلالتها على الأحكام التي تبقى اجتهاديّة تأويليّة بشريّة تاريخيّة نسبيّة متغيّرة وهذه المعاني والقيم هي التي تؤسّس العلمانيّة في أدقّ معانيها حيث تحيل في عمقها المعرفي والاجرائي على الزّمانيّة أي اللاقداسة. بناء على ذلك فإننا نقدّر أنّه حان الوقت للخروج من ثنائيّات علمنة الإسلام أوأسلمة العلمانيّة بالعمل على علمنة الشّأن العام وعلمنة المعرفة بتحريرهما من كلّ القداسات والإطلاقات التي تضفي عليهما العصمة والوثوقيّة مهما كانت مرجعيّة تلك القداسة وهويّتها. وبذلك تتحقّق قيمة المواطنة باعتبارها أهمّ ثمار العلمنة بما تعنيه من مسؤوليّة الفرد الحرّ أمام ذاته وأمام مجتمعه في ما يتعلّق بضميره ومعتقده وخياراته في الشّأن العام لا فرق في ذلك بينه وبين أيّ من مواطنيه مهما كانت الاعتبارات.
بهذا الشّكل يمكن أن تطوّر العلمنة الإسلام التّاريخيّ وتنخرط به في مسار التّنوير كما يمكن لقيم الإسلام التّنويري أن تثري مسار العلمنة وترسّخه في الوعي الجمعي».
ويزعم الكاتب والباحث مختار الخلفاوي أنّ حضور العلمانية يخدم الدين أكثر من غيابها. كما أنّها ظاهرة سوسيولوجية لا تعادي الدين وليست ضدّه. ولكي نفهم العلمانية حسب الباحث الخلفاوي يجب أن نأخذ بعين الاعتبار أبعادها الأساسية الثلاثة: بعدها السياسي وهوالديمقراطية وبعدها الديني وهوحريّة المعتقد وبعدها الحقوقيّ وهو كونيّة الطبيعة الإنسانية. يقول الكاتب والباحث مختار الخلفاوي: «عندما نقول إنّ العلمانيّة ضمانٌ لحياة كريمة لا تقوم على العنف والإكراه والتسلّط والتعصّب والحروب المقدّسة، ولا على الحقّ الإلهيّ ولا الحاكميّة للّه.. فهذا لا يعني أنّها مجرّد آليّة لحلّ مشكلة قانونية أوسياسية أوتقنيّة، بقدر ما هي مركز إبدال جديد ينهض على التحديث، واسم هذا التحديث هوالعلمنة. العلمنة بما هي إحلال «الدنيوة» محلّ التقديس، والتّاريخيّة محلّ الماورائيّة، والعقلانيّة محلّ النصّانيّة، بمعنى أنّ العلمنة لا تنهض على ما سمّاه ميشال أنفراي بالعقد المحايث (Contrat immanent) فحسب، ولكنّها تنهض أيضا على عقد إبستيميّ وإيطيقيّ جديد، بما ينضوي فيه من أنسنة وعقلنة ودنيوة وتزمين وتنسيب.. إنّها بمعايير المعجم العربيّ الإسلامي «جهاديّة» دنيويّة ـ في سبيل الدنيا ـ بديلا من «الجهاديّة» الأخرويّة أوفي سبيل الآخرة». ويواصل الكاتب الخلفاوي في معالجته لإشكالية « هل أنّ الإسلام متلائم مع العلمانيّة؟» بقوله: «هل من الميسور الحديث عن تحوّل من بنية دينيّة مستحكمة إلى بنى إنسانيّة مرنة دون مشاكل صراعيّة تجعل العلاقة بين العلمانيّة والإسلام ـ في موضوع حديثنا – علاقة حذر وريبة وحرب؟ نعم. إذا كان الفضاء العموميّ يقوم على المشترك الإنساني، وكان العقل والحواسّ أكثر الأشياء عدلا بين الناس، فإنّ الانصراف إلى المسلّمة الدينيّة وإلى الحجّة الغيبيّة في الفضاء العموميّ مؤذن بالفتنة والحرب الأهليّة وبالتقسيم الطائفيّ.
فهل يعني هذا أنّ الإسلام باعتباره دينا يتعارض مع العلمانيّة؟ أليس الفحص عن جواب جزءا من سيرورة ثقافيّة وسوسيولوجيّة للتقدّم؟ لتتّضح المسألة نحتاج لبعض المقارنات. هل المجتمعات الأوروبية مجتمعات متقدّمة أم متخلّفة؟ لا أتصوّر أن يجيبني أحد بأنها مجتمعات متخلّفة على شتّى الأصعدة بما فيها المجالات الدينيّة المحترمة في أوروبا. أقول لِمَنْ تدين أوروبا بتقدّمها؟ أتدين بتقدّمها إلى علمنتها أم إلى مسيحيّتها؟ طبعا هي مدينة بكلّ ذلك إلى علمنتها.
معنى هذا أنّ سيرورة التقدّم التي جرّبت فصحّت يمكن أن تصير فرصة تفيد منها نخب البلاد العربيّة والإسلاميّة ومجتمعاتها لا كانتساخ حرفيّ ولكن كاجتراح معرفيّ لسيرورة الحداثة وصيرورتها معا. إنْ كنّا نطلب التقدّم فلا بدّ من حداثة، والحداثة ليست إلا مرادفا للعلمنة. الإسلام متوافق مع العلمانيّة.. نعم.. وليس من الوارد مطلقا إحالته إلى المتحف لتعمّ العلمانيّة.
الإسلام دين الكثير من أفراد الشعوب العربيّة. والعلمانية لن تفعل أكثر من إتاحة سيولة إنسانيّة للدين بعيدا عن جنون الإجماع، وجنون إنشاء الأمّة الدينيّة الواحدة تحت سلطان الشريعة أي بإعادة التجربة الدينيّة والروحيّة إلى الفرد، وإلى ضميره، وإبعادها عن أوهام المطابقة مع الماضي والجماعة السياسيّة في الحاضر، فاللّه واحد والأديان شتّى، والعالم يسع الجميع».
يبقى جدل العلمانية والإسلام قائما بدون حلّ جذري وفاصل. بعد التحقيق الذي قمنا به مع عدّة باحثين لعلّ تحكّم البنية الذهنية الدينية في المجتمعات العربية ـ الإسلامية مثّلت عائقا أمام تحولات مجتمعاتنا نحو الحداثة والمعاصرة لما يستجد في العالم من متغيرات مصيرية.
فهل أصبح الدين مشكلا وهوالذي جاء حلاّ للإنسانية؟ ل. العربي السنوسي
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://jben.yoo7.com
 
جدل العلمانية والاسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات العامة :: بمناسـبـــــــــــــة :: الانتخابات-
انتقل الى:  

تذكرني؟

جدل العلمانية والاسلام Fb110
المقــالات والمـواد المنشورة في المنتـدى لاتُعبرعن رأي الادارة ويتحمل صاحب المشاركـة كامل المسؤوليـة عن اي مخالفـة او انتـهاك لحقوق الغيــر.
جدل العلمانية والاسلام Progre11
* جميع الحقوق محفوظة ©-2011منتدى جبنيانة *
جدل العلمانية والاسلام Progre12
يستحسن إستعمال Firefoxلتصفح المنتدى