هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.



 
الرئيسيةدعاءأحدث الصورالتسجيلدخول
أدب الاختلاف في الإسلام Support
أدب الاختلاف في الإسلام Oooo10 أدب الاختلاف في الإسلام Oooo210

 

 أدب الاختلاف في الإسلام

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ghazzaa
إدارة المنتــدى
ghazzaa


عدد المساهمات : 1056
النشاط : 29
تاريخ التسجيل : 19/07/2011


أدب الاختلاف في الإسلام Empty
مُساهمةموضوع: أدب الاختلاف في الإسلام   أدب الاختلاف في الإسلام Icon_minitime2012-07-08, 21:39

أدب الاختلاف في الإسلام

إن ما تشهده مساجدنا من مظاهر الغلوّ والتشدّد في فرض الرأي الفقهي الواحد والذي استفحل بعد ثورة 14 جانفي 2011 من بعض المتديّنين دفعني الى الكتابة لأذكّر بأدب الإختلاف في الإسلام.

فبعض المتوهمين ممن لا علم عندهم ولا بصيرة لهم يظنون أن اختلاف الاجتهادات في الفقه الإسلامي نقيصة، ودفعا لهذا الوهم الخاطئ نقول إن الاختلاف المذهبي الشائن والمستكره الذي ليس له في الأمّة إلا سيئات الآثار إنما هو الاختلاف في العقائد والأصول وهو أخطر ما يمكن أن تصاب به الأمّة وهو الذي حذّر منه القرآن الكريم فقال تعالى:« ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم»(26 الأنفال) ولقد حذرنا الله تعالى من السقوط في علل أهل الأديان السابقة، وقصّ علينا تاريخهم للعبرة والحذر فقال: «ولا تكونوا من المشركين، من الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا كل حزب بما لديهم فرحون» (31 / 32 الروم).

واعتبر هذا الاختلاف الذي يسّبب الافتراق والتمزق ابتعادا عن أي هدي للنبيء أو الانتساب إليه صلى الله عليه وسلم حين قال تعالى:« إنّ الذين فرّقوا دينهم وكانوا شيعا لستَ منهم في شيء» (159 الأنعام).

أما الاختلاف الفقهي في القوانين المدنية العملية فهو من مفاخر الدين الإسلامي، لأنه ثروة تشريعية كلما اتسعت كانت أروع وأنفع وأنجع، وهذا يعني أن الاختلاف نوعان: نوع مرفوض حذّرنا الإسلام منه وهو الذي سبق الحديث عنه كالاختلاف في العقائد والأصول والاختلافات المذهبية الطائفية، التي ليس لها إلا سيئات الآثار.

ونوع مقبول بل إنه مطلب ديني لا تستقيم الحياة إلا به لذلك حثّ الرسول صلى الله عليه وسلم على الاجتهاد قائلا:« من اجتهد وأصاب فله أجران، ومن اجتهد ولم يصب فله أجر واحد»(البخاري) وهذا يعني أن الاختلاف هو تعدّد النظريات والمباديء والطرائق في استنباط الأحكام وتقريرها. يقول الإمام أبو إسحاق الشاطبي في كتابه الاعتصام:« روى إبن وهب عن القاسم بن محمد قال:« أعجبني قول عمر بن عبد العزيز «ما أحبّ أن أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم لا يختلفون، لأنه لو كان قولا واحدا لكان الناس في ضيق».

لقد كان اختلاف الصحابة في الفروع رائده الإخلاص ولذا لم يكن بينهم تنازع في الفقه ولا تعصّب بل طلب الحقيقة وبحث عن الصواب من أي ناحية أخذ ومن أي جهة استبان لاشك أن الاختلاف في وجهات النظر وتقدير الأشياء والحكم عليها أمر فطريّ طبيعي له علاقة بالفروق الفردية، إذ يستحيل بناء الحياة وقيام شبكة العلاقات الاجتماعية بين الناس أصحاب القدرات الواحدة والنمطية الواحدة.

فاقتضت حكمة الله تعالى أن يكون بين الناس اختلاف في القدرات الذهنية وبالتالي في الآراء ووجهات النظر. قال تعالى:« ولو شاء ربك لجعل الناس أمّة واحدة، ولا يزالون مختلفين» (118 هود). مرّ رسول الله بجماعة يؤبرون النخل: فقال لو لم يفعلوا لأنتج لهم فسمعوه فانتهوا، فلم يثمر لهم تلك السنة إلا شيصا، فذهبوا إليه وقالوا يا رسول الله ألم تقل كذا وكذا، فقال صلى الله عليه وسلم : أنتم أدرى بشؤون دنياكم» مسلم ( 23 / 63 ) بل كان صلى الله عليه وسلم وهو المؤيد بالوحي والنبوّة يتنازل في تسامح عن رأيه لرأي غيره في غزوة بدر بعد أن أمر صلى الله عليه وسلم الجيش ونزل المنزل الذي اختار خاطبه الحباب بن المنذر يا رسول الله: «هل نزلت هذا المكان بوحي من الله أم هي الحرب والخدعة والمكيدة؟ فقال صلى الله عليه وسلم بل هي الحرب والخدعة والمكيدة. فقال إني أرى أن ننزل عند آبار بدر ونفسد آبارهم فنشرب ولا يشربون» فنزل صلى الله عليه سلم عند رأيه وكان ذلك من أسباب انتصار المسلمين في غزوة بدر.

إذا جاز القول أنه من الشرعي الاختلاف في المسائل الاجتهادية الظنية، فإنّ هذا الاختلاف لا يجوز أن يخرج عن حدود آدابه حتى لا يتحول الى وسيلة للتآكل الداخلي والانتهاك وفرصة للاقتتال لذلك فإن العلماء وضعوا لهذا الاختلاف آدابا منها:

- التثبت من قول المخالف. فعلى المسلم أن يتحرّى حقيقة قول المخالف بالطرق الممكنة فلا يحكم بالظن والهوى مثلا حتى يتجنب اتهامه أو القدح فيه باطلا امتثالا لقوله تعالى: «يا أيها الذين آمنوا إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا أن تصيبوا قوما بجهالة فتصبحوا على ما فعلتم نادمين». (6 الحجرات).

- أن يكون الهدف من الاختلاف إظهار الحق، لا اتهام الناس بالباطل أو بيان فساد نياتهم فينقلب النقاش عداوة والرغبة في الوصول إلى الحق رغبة في تحطيم المخالف وبيان ضلاله وانحرافه.

كما يجب على المسلم أن يتهم رأيه وإن كان متأكدا من صواب رأيه، ويضع في الاحتمال أن الحق يمكن أن يكون مع مخالفه وبهذا الشعور يتجنب التعصب للرأي، وعلى هذا دأب أصحاب المذاهب الأربعة، فكان الواحد منهم يقول: «رأيي صحيح يحتمل الخطأ، ورأي غيري خطأ يحتمل الصحّة» ولذلك حذّر رسول الله صلى الله عليه وسلم من التشدد والمغالاة فقال صلى الله عليه وسلم:«من شدّد شدّد الله عليه». وقال: «هلك المتنطعون، هلك المتنطعون هلك المتنطعون» والمتنطّع هو المتشدّد في غير موضع التشدّد لأنه لا يأتي بخير، فقد قال صلى الله عليه وسلم لما بلغه أنّ أناسا أشاروا على رجل شجّ رأسه بالاغتسال، وقالوا له لا نجد لك رخصة فاغتسل فمات: قتلوه قتلهم الله ألا سألوا اذ لم يعلموا فإنما شفاء العيّ السؤال، فما كان يكفيه أن يتيمّم أو يعصّب على جرحه ثم يمسح عليه ويغسل سائر جسده. (البخاري).

أما التسامح مع المخالفين فهو أعظم الآداب فلا يجوز اتهام المخالف ولا التشنيع عليه ولا تكفيره، ولا تفسيقه ولا تبديعه، فالمؤمن لا يحقد على المؤمن لمجرد أنه خالفه في الرأي وكان الرجل الذي بشّر الرسول صلى الله عليه وسلم الصحابة بطلعته عليهم وأخبرهم أنه من أهل الجنة هو الذي استكنهوا أمره وعمله، فتبيّن أنه لا ينام وفي قلبه غلّ على مسلم.

كما لا يجب إجبار الغير على حمل رأي معيّن في المسائل الظنية الاجتهادية ولهذا لما استشار الرشيد الإمام مالكا أن يحمل الناس على موطئه في مثل هذه المسائل منعه من ذلك وقال:«إن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم تفرّقوا في الأمصار وقد أخذ كل قوم من العلم ما بلغه».

وقال الإمام أحمد لرجل صنّف كتابا في الاختلاف: لا تسمه كتاب الاختلاف ولكن سمّه كتاب السعة. ولهذا كان بعض العلماء يقول إجماعهم حجّة قاطعة وإختلافهم رحمة واسعة وعلى سنته صلى الله عليه وسلم نهج الصحابة والتابعون والأئمة المجتهدون من بعدهم فكان التسامح شعارا لهم.

لقد كان في الصحابة والتابعين رضوان الله عليهم من يقرأ البسملة ومنهم من لا يقرأها ومنهم من يجهر بها ومنهم من لا يجهر بها وكان منهم من يقنت في الفجر ومنهم من لا يقنت فيها ومنهم من يرى ذلك ولم يكن الواحد منهم يحمل حقدا على غيره.

أخرج القاضي عياض في المدارك قال: «قال الليث بن سعد: لقيت مالكا في المدينة فقلت له: إني أراك تمسح العرق عن جبينك. قال عرقت مع أبي حنيفة، إنه لفقيه»: قال الليث:«ثم لقيت أبا حنيفة وقلت له ما أحسن قول هذا الرجل فيك (يشير الى مالك) فقال أبو حنيفة» :«ما رأيت أسرع منه بجواب صادق ونقد تام».

وقال الإمام الشافعي: «مالك بن أنس معلّمي وعنه أخذت العلم وإذا ذكر العلماء فمالك النجم، وكان يقول إذا جاءك الحديث من مالك فشدّ به يديك، كان مالك بن أنس إذا شكّ في الحديث طرحه كلّه.

وصلّى الإمام الشافعي في العراق موطن أبي حنيفة ولم يقنت وكان القنوت سنّة مؤكدة عنده فلما سئل قال: أأقنت وأنا في حضرته.

وخليق بالمحاور أن ينهج الحوار مع الآخر لأنه يؤدي الى استبعاد العنف والى تقليص فرص النزاعات وبالتالي الإسهام في تشكيل مجتمع سلمي مفتوح، فيستعد لتقبّل الرأي المخالف إن بدا وجيها فقبوله حق وفضيلة، أما ردّه فهو ظلم واستعلاء بل إنه من الكبر الذي قال عنه صلى الله عليه وسلم: «الكبر بطر الحق وغمط الناس».

إن الالتزام بهذه الآداب يتيح إذ صدقت النوايا، التعرّف على جميع الاحتمالات التي يمكن أن يكون الدليل رمى إليها بوجه من وجوه الأدلة فيكون الاختلاف بهذا الوصف الذي ذكرناه رياضة للأذهان وتلاقحا للآراء وفتح مجالات التفكير للوصول الى سائر الافتراضات التي تستطيع العقول المختلفة الوصول إليها فتتعدد الحلول تهدي صاحب كل واقعة للوصول الى الحل المناسب للوضع الذي هو فيه بما يتناسب ويسر هذا الدين الذي يتعامل مع الناس مع واقع حياتهم وهذا ما كان يحث عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فكان يقول:« لا يكن أحدكم أمّعة إذا أحسن الناس أحسنوا، وإذا أساؤوا أساء، بل وطّنوا أنفسكم فإذا أحسن الناس فاحسنوا وإذا أساؤوا فاجتنبوا إساءتهم» (الترمذي).

وتجاوز هذه الآداب قد يحوّل الاختلاف الى صراع والى وسيلة تدمير، بل قد يصل في بعض الأحيان كما نرى في أكثر من مثال في العالم الى الاستنصار والتقوى بدول أجنبية على صاحب الرأي المخالف فيتحول الاختلاف من ظاهرة بناء الى معاول للهدم، لذلك حذّر العلماء من الخلاف فقال بن مسعود رضي الله عنه:« الخلاف شر» وقال تعالى:« ولكن اختلفوا فمنهم من آمن ومنهم من كفر» (25 البقرة) وكذا السنّة فقد قال صلى الله عليه وسلم :إنما هلكت بنو إسرائيل بكثرة سؤالهم واختلافهم على أنبيائهم».

إنّ من المسلمين اليوم من دعوا الى الاختلاف وتناسوا آدابه تعصّبوا لآرائهم وحوّلوها الى ضرب من التحّزب الفكري والتعصّب السياسي والتخريب الاجتماعي. وقد يشتدّ التعصّب ويشتد فتعود علينا مقولة الجاهلية:«كذاب ربيعة أفضل من صادق مضر».

لقد اختلف السلف الصالح رضوان الله عليهم لكن اختلافهم في الرأي لم يكن سببا لافتراقهم إنهم اختلفوا لكنهم لم يتفرّقوا لأن وحدة القلوب وصدق الانتماء كانا أكبر من أن ينال منها شيء.

إن الاختلاف حين يلتزم فيه المسلم بآدابه يضحى قيمة ثابتة من قيم هذا الدين العظيم وإن أمة تربت على هذه الآداب وتجذرت فيها ليس من السهل مغالطتها والنيل من سيادتها.

بقلم: البشير بن عمار* أستاذ جامعي
أدب الاختلاف في الإسلام Logoassabah8/7/2012
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
https://jben.yoo7.com
 
أدب الاختلاف في الإسلام
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
 :: المنتديات الاسلامية :: في رحاب القرآن والسنة :: أدعية ومحاضرات-
انتقل الى:  

تذكرني؟

أدب الاختلاف في الإسلام Fb110
المقــالات والمـواد المنشورة في المنتـدى لاتُعبرعن رأي الادارة ويتحمل صاحب المشاركـة كامل المسؤوليـة عن اي مخالفـة او انتـهاك لحقوق الغيــر.
أدب الاختلاف في الإسلام Progre11
* جميع الحقوق محفوظة ©-2011منتدى جبنيانة *
أدب الاختلاف في الإسلام Progre12
يستحسن إستعمال Firefoxلتصفح المنتدى