العطلة الصيفية

العطلة الصيفية

ابني طوال الوقت أمام التلفاز... ابني أصبح مدمنًا على شاشة الحاسوب...لا استطيع السيطرة عليه... ماذا افعل؟
هذه العبارات كثيرًا ما تتردد على مسامعنا من أفواه الأمهات وخاصة في أيام العطل, لا سيما في العطلة الصيفية.



فقد اعتاد الأهل على برنامج منظم نوعا ما لأبنائهم أثناء دوامهم المدرسي,
وسرعان ما تشعر الأم خاصة بحدوث تغيير شبه جذري في هذا البرنامج, إذ تجد
ابنها طوال الوقت في البيت , في الشارع أو أمام التلفاز أو الحاسوب,
وسرعان ما تخوض الأم كابوسًا من الفوضى والمشاحنات والعصبية .
ولعل الأمر يعود إلى قلة وعينا في استثمار الوقت, خاصة في العطل الصيفية.
روي عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال: ( علموا أولادكم السباحة
والرماية وركوب الخيل) إن هذا القول يشير إلى قضية استغلال الوقت بما يفيد
أبناءنا وينمي قدراتهم ومواهبهم, وانه لمدخل طيب نستهل به حديثنا عن هذا
الموضوع.
ولعل بعض الأهل يتساءلون عن كيفية استثمار هذا الوقت, فإليك أيها الأب وإليك أيتها الأم بعض النصائح:

برامج مرافقة
من الممكن جدًا دمج أطفالنا في البرامج المختلفة المعدة للعطلة الصيفية,
إذ يشغل العديد منها موقعا مهما في استغلال الوقت واستثماره بالطرق
السليمة على سبيل المثال:
- المخيمات الصيفية: وهي متعددة, فمنها ما يكون فيه المبيت ومنها ما يكون
يوميًا يشمل برامج مختلفة وهي مختلفة عن بعضها البعض من ناحية مدتها
الزمنية. في هذا السياق يجب الحذر جدًا عند اختيار المخيم الملائم وذلك حتى
يتلاءم مع مبادئنا وأخلاقنا وديننا.
- الدورات المختلفة: هنالك دورات متنوعة كدورات تحفيظ القران, وإنها لخير
بديل في العطلة الصيفية, وهنالك دورات سباحه ورسم وأشغال يدوية يمكن
استثمارها بما يتلاءم مع مهارة الطفل وهواياته. وهنا وجب تنبيه الأهل إلى
أنه يجب استشارة الأبناء في هذه الدورات ليكون شركاء في اختيار الدورات
التي تلائمهم أيضًا فلا يكتفي الأهل بما يرونه مهمًا وجيدًا من وجهة نظرهم
فربما كان القرار غير مناسب لأبنائهم فلا يجدوا المتعة والفائدة حينها
كون الدورة لا تلبي رغباتهم واحتياجاتهم وتدفعهم للإبداع.
- رحلات مشتركة مع الأهل سواء كانت أسبوعية أو حسب قدرة الأهل وظروفهم المادية والإجتماعية والعملية.
- زيارات للأهل والأصحاب والأقارب بشكل معقول ومنظم.
وبعد، هذه بعض الملاحظات والنصائح التي تفيد في كيفية اغتنام العطلة الصيفية:

برمجة الوقت
الكلام هنا يدور حول قدرة العائلة على وضع برامج وخطط لأمور مستقبليه
خاصة بالعطلة الصيفية التي هي محور حديثنا اليوم. في حديثنا عن برمجة
الوقت يجب الأخذ بعين الاعتبار مقاييس مختلفة مثل:

- جيل الأبناء, فكلما كان الطفل أصغر كلما اجتهدنا في تنظيم برنامج أسبوعي
أو حتى يومي يشمل ( ساعة النهوض, وجبة الإفطار, قراءه قصة أو أي شيء فيه
الفائدة، مشاهدة التلفاز, اللعب مع الأصدقاء, اللعب على الحاسوب,اللعب في
ألعاب متنوعة أخرى بيتية أو خارج البيت).
وإذا كان هنالك واجبات مدرسيه خلال فترة العطلة, من الأفضل وضعها في
البرنامج في بداية اليوم بحيث يتم ترك وقت حر يقرر فيه الابن نوعية الشيء
الذي سيقوم فيه, وبهذا يمكن تنويع البرنامج وكسر الروتين.
- مشاركة الأبناء في قضية برمجة الوقت: إن لهذه الخطوة الجزء الأكبر في
إنجاح عملية استثمار الوقت وتطبيقه على ارض الواقع, حيث يجب ملاءمة
البرنامج قدر المستطاع لرغبات وقدرات الطفل.

القدوة الحسنة
إذا أردنا أن يتصرف أبناؤنا بطريقة حسنة أثناء هذه الفترة يجب أن نكون
لهم خير مثال, فلا يتوقع الأهل من أبنائهم أمورًا هم لا يستطيعون تطبيقها
وأيضًا لمساعدة الأبناء على تطبيق البرامج المتفق عليه. من الممكن أن
يشارك الأهل مع أبنائهم في بعض الفعاليات كقراءة القصص معًا أو الخروج في
نزهة أو عمل شيء مشترك وألعاب مشتركة خاصة إذا كان الحديث عن جيل صغير
نسبيًا.
بالإضافة إلى ذلك على الأهل مراقبة ومتابعة أبنائهم سواء كان ذلك خارج
البيت أو داخله عن طريق فتح حوار معهم وسؤالهم عن برامجهم بشكل مستمر
وتقديم النصائح اللازمة.
وضع حدود
على الأهل توضيح مبادئ التعامل بشكل مستمر والتأكيد على الإحترام
المتبادل في كل الأوقات. وتوضيح قواعد الثابتة التي يمنع تعديها والقواعد
الأخرى المتغيرة القابلة للأخذ والرد. فهنالك أمورًا يمكن إبداء المرونة
بها كساعة النوم مثلا إلى حد ما أما بالنسبة لمشاهدة التلفاز والحاسوب فيجب
أن تُحدد ساعات معينة لاستعمالها وعدم السماح للأبناء الجلوس أمام هذه
الأجهزة دون تحديد وقت معين. لأن لها من الأثر السلبي ما لها وخاصة
الانترنت. وذلك لغرسها سلوكيات غير مرغوب فيها عند أبنائنا ولتأثر الإنسان
بالمشاهد المختلفة كما أُثبت علميًا. هذا بالإضافة إلى أن الجلوس الطويل
أمام هذه الأجهزة يولد السمنة كما أثبتت الأبحاث. فليحذر الآباء من الآثار
السلبية لهذه الأجهزة التي تؤدي لنتائج سلبية تؤثر على الجانب النفسي
والسلوكي والجسدي.
هنالك من الأمهات من تقول أنها مضطرة بأن تسمح لابنها الجلوس الساعات
طويلة أمام هذه الأجهزة لأنه لا بديل لما يشغل أبناءها ولهؤلاء الأمهات
نقول أنها لو وضعت هذا الأمر في سلم أولوياتها لوجدت البدائل العديدة وهو
ما تم طرحه.
ملاحظة مهمة في هذا السياق, هو قضية انتشار الحوادث البيتية وازديادها
أثناء العطلة كما أشارت الأبحاث. لذا على الأهل أخذ الحيطة والحذر.
والقيام بإبعاد الأدوات السامة والأدوية عن متناول أيدي الأطفال بالإضافة
إلى تقديم شرح وافِ للطفل عن كيفية التصرف أثناء حدوث أمر طارئ.
التواصل العائلي
إن قضية التواصل العائلي هي قضيه جد مهمة, إذ لها الأثر الكبير في الترابط العائلي والتماسك الأسري, وبالتالي الانصياع والطاعة.
بما أن العطلة الصيفية فيها الوقت الكافي لتواجد أفراد العائلة بعضهم مع
بعض, يجب استغلال هذا الوقت لجلسات عائليه من شأنها زيادة الترابط من خلال
الحوار المتبادل وتبادل الآراء والأفكار ومشاركة جميع الأفراد.
في هذا السياق يمكن التطرق إلى المشاكل المختلفة التي تحدث أثناء العطلة والتواصل مع الأبناء سويًا إلى اتفاقيات مُرضيه للجميع.
زيادة الثقة بالنفس
يمكن العمل في هذه الفترة على زيادة ثقة أبنائنا بأنفسهم عن طريق
مشاركتهم في المهام المختلفة البيتية والخارجية مع تشجيعهم وإطرائهم عند
كل مساهمة وتصحيح سلوكهم وآدائهم.
بالإضافة إلى استشارتهم بأمور عديدة والذي من شأنه أن يشعر الطفل بأنه
متساو أكثر مع الكبار وان دوره في الحياة مهم وبهذا يكون شريكًا بدلا من
أن يكون عبئا وكابوسا.
التعاون بين الاهل
إن هذه النقطة من أهم النقاط التي من شأنها أن تنجح الأمر برمته إذ أن
كثير من النساء من تعاني من قضية عدم التعاون من قبل أزواجهن في تربية
الأبناء وعدم الاهتمام ببرامج العطلة الصيفية.
فتتراكم المسئوليات كلها على كاهل الأم والذي من الممكن أن يزعزع أسس
التربية والصبر على الأبناء, وبهذا لن ينجح مشروع استثمار الوقت إن
حُمِلَت الأم فوق طاقتها. لذا على الأهل إبداء الوحدة والتماسك في اتخاذ
القرارات الموحدة لتفادي تجاهل الأبناء لأوامر الأهل وتوجيهاتهم.
آملين أن يوفق الله الأهل لما يحب ويرضى ويرزقهم أبناءً صالحين يبرونهم ويحسنون استثمار أوقاتهم ويتحلون بأحسن الأخلاق.